[فصل في معنى قول على: (فسبوني فإنه لي زكاة)] المسألة الثالثة:
في معنى قوله عليه السلام: (فسبوني، فإنه لي زكاة، ولكم نجاة)، فنقول: إنه أباح لهم سبه عند الاكراه، لان الله تعالى قد أباح عند الاكراه التلفظ بكلمة الكفر، فقال:
(إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان)، والتلفظ بكلمة الكفر أعظم من التلفظ بسب الامام.
فأما قوله: (فإنه لي زكاة ولكم نجاة)، فمعناه أنكم تنجون من القتل إذا أظهرتم ذلك، ومعنى الزكاة يحتمل أمرين: أحدهما ما ورد في الاخبار النبوية أن سب المؤمن زكاة له وزيادة في حسناته.
والثاني: أن يريد به أن سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري، بل أزيد به شرفا وعلو قدر، وشياع ذكر، وهكذا كان، فإن الله تعالى جعل الأسباب التي حاول أعداؤه بها الغض منه عللا لانتشار صيته في مشارق الأرض ومغاربها.
وقد لمح هذا المعنى أبو نصر بن نباتة، فقال للشريف الجليل محمد بن عمر العلوي:
وأبوك الوصي أول من شاد * منار الهدى وصام وصلى نشرت حبله قريش فأعطته إلى صبحة القيامة فتلا واحتذيت أنا حذوه، فقلت لأبي المظفر هبة الله بن موسى الموسوي رحمه الله تعالى:
في قصيدة أذكر فيها أباه:
أمك الدرة التي أنجبت من * جوهر المجد راضيا مرضيا وأبوك الإمام موسى كظيم الغيظ حتى يعيده منسيا