شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٣
وهذا الكلام استعارة شبه من عساه يلحق به من أهل الشام بمن يعشو ليلا إلى النار، وذلك لان بصائر أهل الشام ضعيفة، فهم من الاهتداء بهداه عليه السلام كمن يعشو ببصر ضعيف إلى النار في الليل، قال: ذاك أحب إلى من أن أقتلهم على ضلالهم، وإن كنت لو قتلتهم على هذه الحالة لباءوا بآثامهم، أي رجعوا، قال سبحانه: (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك) (1) أي ترجع.
* * * [من أخبار يوم صفين] لما ملك أمير المؤمنين عليه السلام الماء بصفين ثم سمح لأهل الشام بالمشاركة فيه والمساهمة، رجاء أن يعطفوا إليه، واستمالة لقلوبهم وإظهارا للمعدلة وحسن السيرة فيهم، مكث أياما لا يرسل إلى معاوية، ولا يأتيه من عند معاوية أحد، واستبطأ أهل العراق إذنه لهم في القتال، وقالوا: يا أمير المؤمنين، خلفنا ذرارينا ونساءنا بالكوفة، وجئنا إلى أطراف الشام لنتخذها وطنا، ائذن لنا في القتال، فإن الناس قد قالوا. قال لهم عليه السلام:
ما قالوا؟ فقال منهم قائل: إن الناس يظنون أنك تكره الحرب كراهية للموت، وإن من الناس من يظن أنك في شك من قتال أهل الشام. فقال عليه السلام: ومتى كنت كارها للحرب قط! إن من العجب حبى لها غلاما ويفعا، وكراهيتي لها شيخا بعد نفاد العمر وقرب الوقت! وأما شكى في القوم فلو شككت فيهم لشككت في أهل البصرة، والله لقد ضربت هذا الامر ظهرا وبطنا، فما وجدت يسعني إلا القتال أو أن أعصى الله ورسوله، ولكني أستأني بالقوم، عسى أن يهتدوا أو تهتدي منهم طائفة، فإن

(1) سور، المائدة 29
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232