شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٦٧
نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين)، (1) ثم حمل على الميسرة ففضها، وصمد نحو القلب، وعتاب جالس على طنفسة، هو وزهرة ابن حوية، فغشيهم شبيب، فانفض الناس عن عتاب وتركوه، فقال عتاب: يا زهرة، هذا يوم كثر فيه العدد، وقل فيه الغناء، لهفي على خمسمائة فارس من وجوه الناس، ألا صابر لعدوه! ألا مواس بنفسه! فمضى الناس على وجوههم، فلما دنا منه شبيب وثب إليه في عصابة قليلة صبرت معه، فقال له بعضهم: إن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قد هرب، وانصفق معه ناس كثير، فقال: أما إنه قد فر قبل اليوم، وما رأيت مثل ذلك الفتى، ما يبالي ما صنع، ثم قاتلهم ساعة، وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط موطنا لم أبل بمثله، أقل ناصرا، ولا أكثرها ربا خاذلا، فرآه رجل من بنى تغلب من أصحاب شبيب - وكان أصاب دما في قومه، والتحق بشبيب: فقال: إني لأظن هذا المتكلم عتاب ابن ورقاء، فحمل عليه فطعنه، فوقع وقتل، ووطئت الخيل زهرة بن حوية، فأخذ يذبب بسيفه، وهو شيخ كبير لا يستطيع أن ينهض، فجاءه الفضل بن عامر الشيباني فقتله، وانتهى إليه شبيب، فوجده صريعا فعرفه، فقال: من قتل هذا؟ قال الفضل: أنا قتلته، فقال شبيب: هذا زهرة بن حوية، أما والله لئن كنت قتلت على ضلالة، لرب يوم من أيام المسلمين قد حسن فيه بلاؤك، وعظم فيه غناؤك، ولرب خيل للمشركين هزمتها، وسرية لهم ذعرتها، ومدينة لهم فتحتها! ثم كان في علم الله أن تقتل ناصرا للظالمين.
وقتل يومئذ وجوه العرب من عسكر العراق في المعركة: واستمكن شبيب من أهل العسكر، فقال: ارفعوا عنهم السيف، ودعاهم إلى البيعة، فبايعه الناس عامة من ساعتهم، واحتوى على جميع ما في العسكر، وبعث إلى أخيه وهو بالمدائن، فأتاه فأقام بموضع المعركة يومين، ودخل سفيان بن الأبرد الكلبي، وحبيب بن عبد الرحمن فيمن معهما

(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232