ابن عبد الرحمن، وقال: تبعث سفيان إلى رجل قد فللته، وقتلت فرسانه! وكان شبيب قد أقام بكرمان حتى جبر، واستراش هو وأصحابه، فمضى سفيان بالرجال، واستقبله شبيب بدجيل الأهواز، وعليه جسر معقود، فعبر إلى سفيان، فوجده قد نزل بالرجال، وجعل مهاصر (1) بن صيفي على خيله، وبشر بن حسان (1) الفهري على ميمنته، وعمر بن هبيرة الفزاري على ميسرته، وأقبل شبيب في ثلاثة كراديس، هو في كتيبة، وسويد بن سليم في كتيبة، وقعنب في كتيبة، وخلف المحلل في عسكره، فلما حمل سويد وهو في ميمنته على ميسرة سفيان وقعنب وهو في ميسرته على ميمنة سفيان، حمل هو على سفيان، ثم اضطربوا مليا، حتى رجعت الخوارج إلى مكانها الذي كانوا فيه.
فقال يزيد السكسكي - وكان من أصحاب سفيان يومئذ: كر علينا شبيب وأصحابه أكثر من ثلاثين كرة، ولا يزول من صفنا أحد، فقال لنا سفيان: لا تحملوا عليهم متفرقين، ولكن لتزحف عليهم الرجال زحفا، ففعلنا، وما زلنا نطاعنهم حتى اضطررناهم إلى الجسر، فقاتلونا عليه أشد قتال يكون لقوم قط. ثم نزل شبيب، ونزل معه نحو مائة رجل، فما هو إلا أن نزلوا حتى أوقعوا بنا من الضرب والطعن شيئا ما رأينا مثله قط، ولا ظنناه يكون، فلما رأى سفيان أنه لا يقدر عليهم، ولا يأمن ظفرهم، دعا الرماة فقال:
ارشقوهم بالنبل، وذلك عند المساء، وكان الالتقاء ذلك اليوم نصف النهار، فرشقهم أصحابه، وقد كان سفيان صفهم على حدة، وعليهم أمير، فلما رشقوهم شدوا عليهم، فشددنا نحن، وشغلناهم عنهم، فلما رأوا ذلك ركب شبيب وأصحابه، وكروا على أصحاب النبل كرة شديدة، صرعوا منهم فيها أكثر من ثلاثين راميا، ثم عطف علينا يطاعننا بالرماح، حتى اختلط الظلام، ثم انصرف عنا، فقال سفيان بن الأبرد لأصحابه: