ابن أبي سبرة، فنزل وأركبه، وصار رديفا له (1). وقال له عبد الرحمن: ناد في الناس، الحقوا بدير ابن أبي مريم، فنادى بذلك، وانطلقا ذاهبين، وأمر شبيب أصحابه، فرفعوا عن الناس السيف، ودعاهم إلى البيعة، فأتاه من بقي من الرجال، فبايعوه، وبات عبد الرحمن بدير اليعار، فأتاه فارسان ليلا، فخلا به أحدهما يناجيه طويلا، وقام الاخر قريبا منهما، ثم مضيا ولم يعرفا، فتحدث الناس أن المناجي له كان شبيبا، وأن الذي كان يرقبهما كان مصادا أخاه، واتهم عبد الرحمن بمكاتبة شبيب من قبل.
ثم خرج عبد الرحمن آخر الليل، فسار حتى أتى دير ابن أبي مريم، فإذا هو بالناس قبله قد سبقوه. وقد وضع لهم ابن أبي سبرة صبر الشعير وألقت (2) كأنها القصور، ونحر لهم من الجزور ما شاءوا، واجتمع الناس إلى عبد الرحمن، فقالوا له: إن علم شبيب بمكانك أتاك فكنت له غنيمة، قد تفرق الناس عنك، وقتل خيارهم، فالحق أيها الرجل بالكوفة.
فخرج وخرج معه الناس، حتى دخل الكوفة مستترا من الحجاج، إلى أن أخذ له الأمان بعد ذلك.
* * * ثم إن شبيبا اشتد عليه الحر وعلى أصحابه، فأتى ماه بهراذان، فصيف (3) بها ثلاثة أشهر، وأتاه ناس ممن كان يطلب الدنيا والغنيمة كثير، ولحق به ناس ممن كان يطلبهم