شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٥٤
لشأنك، فإني أنفس بك عن القتل، فأبى وخرج بنفسه، ودعا إلى البراز، فبرز له البطين ثم قعنب بن سويد، وهو يأبى إلا شبيبا. فقالوا لشبيب: إنه قد رغب عنا إليك، قال: فما ظنكم بمن يرغب عن الاشراف! ثم برز له، وقال له: أنشدك الله يا محمد في دمك، فإن لك جوارا! فأبى إلا قتاله، فحمل عليه بعموده الحديد، وكان فيه اثنا عشر رطلا، فهشم رأسه وبيضة كانت عليه فقتله، ونزل إليه فكفنه ودفنه، وتتبع ما غنم الخوارج من عسكره، فبعث به إلى أهله، واعتذر إلى أصحابه، وقال:
هو جارى بالكوفة، ولى أن أهب ما غنمت. فقال له أصحابه: ما دون الكوفة الان أحد يمنعك، فنظر فإذا أصحابه قد فشا فيهم الجراح، فقال: (1 ليس عليكم أكثر مما قد فعلتم 1).
وخرج بهم على نفر (2)، ثم خرج بهم نحو بغداد (3)، يطلب خانيجار (4). وبلغ الحجاج أن شبيبا قد أخذ نحو نفر، فظن أنه يريد المدائن، وهي باب الكوفة، ومن أخذ المدائن كان ما في يديه من أرض الكوفة أكثر، فهال ذلك الحجاج، وبعث إلى عثمان بن قطن، فسرحه إلى المدائن، وولاه منبرها والصلاة ومعونة جوخى كلها، وخراج الأستان، فجاء مسرعا حتى نزل المدائن، وعزل الحجاج ابن أبي عصيفير عن المدائن، وكان الجزل مقيما بها يداوى جراحاته، وكان ابن أبي عصيفير يعوده ويكرمه، ويلطفه (5)، فلما قدم عثمان بن قطن لم يكن يتعاهده ولا يلطفه بشئ، فكان الجزل يقول: اللهم زد ابن أبي عصيفير فضلا وكرما، وزد عثمان بن قطن ضيقا وبخلا.
* * *

(1 - 1) الكلام هنا يختلف عما في الطبري، بالتقديم والتأخير واختلاف العبارات.
(2) نفر، بكسر أوله وتشديد ثانيه وفتحه وراء: بلدة أو قرية على نهر الترس، من بلاد الفرس، عن الخطيب، فإن كان عنى أنه من بلاد الفرس قديما جاز، فأما الان فهو من نواحي بابل بأرض الكوفة (ياقوت).
(3) في الطبري: (ثم على الصراة، ثم على بغداد).
(4) بعدها في الطبري: (فأقام بها).
(5) ألطف فلان فلانا: أكرمه وبره وأتحفه.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232