لشأنك، فإني أنفس بك عن القتل، فأبى وخرج بنفسه، ودعا إلى البراز، فبرز له البطين ثم قعنب بن سويد، وهو يأبى إلا شبيبا. فقالوا لشبيب: إنه قد رغب عنا إليك، قال: فما ظنكم بمن يرغب عن الاشراف! ثم برز له، وقال له: أنشدك الله يا محمد في دمك، فإن لك جوارا! فأبى إلا قتاله، فحمل عليه بعموده الحديد، وكان فيه اثنا عشر رطلا، فهشم رأسه وبيضة كانت عليه فقتله، ونزل إليه فكفنه ودفنه، وتتبع ما غنم الخوارج من عسكره، فبعث به إلى أهله، واعتذر إلى أصحابه، وقال:
هو جارى بالكوفة، ولى أن أهب ما غنمت. فقال له أصحابه: ما دون الكوفة الان أحد يمنعك، فنظر فإذا أصحابه قد فشا فيهم الجراح، فقال: (1 ليس عليكم أكثر مما قد فعلتم 1).
وخرج بهم على نفر (2)، ثم خرج بهم نحو بغداد (3)، يطلب خانيجار (4). وبلغ الحجاج أن شبيبا قد أخذ نحو نفر، فظن أنه يريد المدائن، وهي باب الكوفة، ومن أخذ المدائن كان ما في يديه من أرض الكوفة أكثر، فهال ذلك الحجاج، وبعث إلى عثمان بن قطن، فسرحه إلى المدائن، وولاه منبرها والصلاة ومعونة جوخى كلها، وخراج الأستان، فجاء مسرعا حتى نزل المدائن، وعزل الحجاج ابن أبي عصيفير عن المدائن، وكان الجزل مقيما بها يداوى جراحاته، وكان ابن أبي عصيفير يعوده ويكرمه، ويلطفه (5)، فلما قدم عثمان بن قطن لم يكن يتعاهده ولا يلطفه بشئ، فكان الجزل يقول: اللهم زد ابن أبي عصيفير فضلا وكرما، وزد عثمان بن قطن ضيقا وبخلا.
* * *