شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٧٥
في ذنب كل فرس ترسين، ثم ندب ثمانية نفر من أصحابه، وغلاما له يقال له حيان - كان شجاعا فاتكا - وأمره أن يحمل معه إداوة من ماء، ثم سار ليلا حتى أتى ناحية من عسكر أهل الشام، فأمر أصحابه أن يكونوا في نواحي العسكر الأربع، وأن يكون مع كل رجلين فرس: ثم يلبسوها الحديد حتى تجد حره، ثم يخلوها في العسكر، وواعدهم تلعة قريبة من العسكر، وقال: من نجا منكم، فإن موعده التلعة، فكره أصحابه الاقدام على ما أمرهم، فنزل بنفسه حتى صنع بالخيل ما أمرهم به، حتى دخلت في العسكر، ودخل هو يتلوها، ويشد خلفها شدا محكما، فتفرقت في نواحي العسكر، واضطرب الناس، فضرب بعضهم بعضا، وماجوا، ونادى حبيب بن عبد الرحمن: ويحكم إنها مكيدة!
فالزموا الأرض حتى يتبين لكم الامر، ففعلوا، وحصل شبيب بينهم، فلزم الأرض معهم، حتى رآهم قد سكنوا، وقد أصابته ضربة عمود أوهنته.
فلما هدأ الناس ورجعوا إلى مراكزهم خرج في غمارهم، حتى أتى التلعة، فإذا مولاه حيان، فقال: أفرغ ويحك على رأسي من هذه الإداوة! فلما مد رأسه ليصب عليه من الماء هم حيان بضرب عنقه، وقال لنفسه: لا أجد مكرمة لي، ولا ذكرا أرفع من هذا في هذه الخلوة، وهو أماني من الحجاج، فأخذته الرعدة حين هم بما هم به، فلما أبطأ عليه، قال له: ويحك! ما انتظارك بحلها! ناولنيها، وتناول السكين من موزجه (1) فخرقها به، ثم ناوله إياها، فأفرغ عليه من الماء، فكان حيان بعد ذلك يقول: لقد هممت فأخذتني الرعدة فجبنت عنه، وما كنت أعهد نفسي جبانا.
* * * ثم إن الحجاج أخرج الناس إلى شبيب، وقسم فيهم أموالا عظيمة، وأعطى الجرحى وكل ذي بلاء، وأمر سفيان بن الأبرد أن يسير بهم، فشق ذلك على حبيب،

(1) الموزج: الخف.
(٢٧٥)
مفاتيح البحث: الشام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232