ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا) (1).
ثم قال شبيب لأصحابه: إني حامل على ميسرتهم، مما يلي النهر، فإذا هزمتها فليحمل صاحب ميسرتي على ميمنتهم، ولا يبرح صاحب القلب حتى يأتيه أمري، ثم حمل في ميمنة أصحابه مما يلي النهر على ميسرة عثمان بن قطن، فانهزموا، ونزل عقيل بن شداد مع طائفة من أهل الحفاظ، فقاتل حتى قتل وقتلوا معه (2).
ودخل شبيب عسكرهم، وحمل سويد بن سليم في ميسرة شبيب على ميمنة عثمان بن قطن فهزمها، وعليها خالد بن نهيك الكندي، فنزل خالد، وقاتل قتالا شديدا، فحمل عليه شبيب من ورائه، فلم ينثن حتى علاه بالسيف فقتله، ومشى عثمان بن قطن، وقد نزلت معه العرفاء والفرسان وأشراف الناس نحن القلب، وفيه أخو شبيب في نحو من ستين رجلا، فلما دنا منهم عثمان، شد عليهم في الاشراف وأهل الصبر، فضربهم مصاد وأصحابه، حتى فرقوا بينهم، وحمل شبيب من ورائهم بالخيل، فما شعروا إلا والرماح في أكتافهم تكبهم لوجوههم، وعطف عليهم سويد بن سليم أيضا في خيله، وقاتل عثمان فأحسن القتال.
ثم إن الخوارج شدوا عليهم، فأحاطوا بعثمان، وحمل عليه مصاد أخو شبيب:
فضربه ضربة بالسيف فاستدار لها، وسقط، وقال: (وكان أمر الله قدرا مقدورا) (3)، فقتل وقتل معه العرفاء ووجوه الناس، وقتل من كندة يومئذ مائة وعشرون رجلا، وقتل من سائر الناس نحو ألف، ووقع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى الأرض، فعرفه