فرس أغر كميت، وخيله واقفة دونه وكل من جاء ليبايعه ينزع سيفه عن عاتقه، ويؤخذ سلاحه، ثم يدنو من شبيب فيسلم عليه بإمرة المؤمنين، (1) ثم يبايع، فإنا كذلك إذ أضاء الفجر (2) ومحمد بن موسى بن طلحة في أقصى العسكر مع أصحابه، وكان الحجاج قد جعل موقفه آخر الناس، وزائدة بن قدامة بين يديه، ومقام محمد بن موسى مقام الأمير على الجماعة كلها، فأمر محمد مؤذنه فأذن، فلما سمع شبيب الاذان، قال: ما هذا؟
قيل: هذا ابن طلحة لم يبرح، قال: ظننت أن حمقه وخيلاءه سيحملانه على هذا، نحوا هؤلاء عنا، وانزلوا بنا فلنصل، فنزل وأذن هو، ثم استقدم فصلى بأصحابه، وقرأ:
(ويل لكل همزة لمزة)، و (أرأيت الذي يكذب بالدين)، ثم سلم وركب (3):
وأرسل إلى محمد بن موسى بن طلحة: إنك امرؤ مخدوع قد اتقى بك الحجاج المنية، وأنت لي جار بالكوفة، ولك حق فانطلق لما أمرت به، ولك الله ألا أسوءك (4)، فأبى محاربته (5) فأعاد عليه الرسول فأبى إلا قتاله، فقال له شبيب: كأني بأصحابك لو التقت حلقتا (6) البطان قد أسلموك، وصرعت مصرع أمثالك، فأطعني وانصرف