شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٥٨
عبد الرحمن ومن معه، وهم معسكرون على نهر حولايا، قريبا من البت، وذلك يوم التروية (1) عشاء، فنادى في الناس، وهو على تلعة (2): أيها الناس، اخرجوا إلى عدوكم.
فوثبوا إليه، وقالوا: ننشدك الله! هذا المساء قد غشينا، والناس لم يوطنوا أنفسهم على القتال فبت الليلة ثم اخرج على تعبية، فجعل يقول: لأناجزنهم الليلة، ولتكونن الفرصة لي أو لهم، فأتاه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فأخذ بعنان بغلته، وناشده الله لما نزل، وقال له عقيل بن شداد السلولي: إن الذي تريده من مناجزتهم الساعة أنت فاعله غدا، وهو خير لك وللناس، إن هذه ساعة ريح قد اشتدت مساء فأنزل، ثم أبكر بنا غدوة.
فنزل وسفت عليه الريح، وشق عليه الغبار، فاستدعى صاحب الخراج علوجا، فبنوا له قبة، فبات فيها، ثم أصبح فخرج بالناس، فاستقبلتهم ريح شديدة وغبرة، فصاح الناس إليه، وقالوا: ننشدك الله ألا تخرج بنا في هذا اليوم! فإن الريح علينا، فأقام ذلك اليوم.
وكان شبيب يخرج إليهم، فلما رآهم لا يخرجون إليه أقام، فلما كان الغد خرج عثمان يعبى الناس على أرباعهم، وسألهم: من كان على ميمنتكم وميسرتكم؟ فقالوا: خالد بن نهيك بن قيس الكندي على ميسرتنا، وعقيل بن شداد السلولي على ميمنتنا، فدعاهما وقال لهما: قفا في مواقفكما التي كنتما بها فقد وليتكما المجنبتين، فاثبتا ولا تفرا، فوالله لا أزول حتى تزول نخيل راذان عن أصولها. فقالا: نحن والله الذي لا إله إلا هو لا نفر حتى نظفر أو نقتل، فقال لهما: جزاكما الله خيرا! ثم أقام حتى صلى بالناس الغداة، ثم خرج بالخيل، فنزل يمشى في الرجال، وخرج شبيب ومعه يومئذ مائة وأحد وثمانون رجلا، فقطع إليهم النهر، وكان هو في ميمنة أصحابه، وجعل على الميسرة سويد بن سليم، وجعل في القلب مصادا أخاه وزحفوا، وكان عثمان بن قطن يقول لأصحابه فيكثر: (قل لن

(1) يوم التروية: الثامن من ذي الحجة.
(2) التلعة هنا: ما علا من الجبل، وفي الطبري، (على بغلة).
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232