شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
بنا كآبة ظاهرة، وجراحات شديدة: ما أشد هذا الذي بنا لو كنا نطلب الدنيا! وما أيسر هذا في طاعة الله وثوابه! فقال أصحابه: صدقت يا أمير المؤمنين.
قال فروة بن لقيط: وسمعته تلك الليلة يحدث سويد بن سليم، ويقول له: لقد قتلت منهم أمس رجلين من أشجع (1) الناس، خرجت عشية أمس طليعة لكم، فلقيت منهم ثلاثة نفر دخلوا قرية يشترون منها حوائجهم، فاشترى أحدهم حاجته، وخرج قبل أصحابه فخرجت معه، فقال لي: أراك لم تشتر علفا (2)! فقلت: إن لي رفقاء قد كفوني ذلك، ثم قلت له: أين ترى عدونا [هذا نزل] (3)؟ فقال: بلغني أنه قد نزل قريبا منا، وأيم الله لوددت أنى لقيت شبيبهم هذا، قلت: أفتحب ذلك؟ قال: أي والله، قلت: فخذ حذرك، فأنا والله شبيب، وانتضيت السيف، فخر والله ميتا [فقلت له:
ارتفع ويحك! وذهبت أنظر فإذا هو قد مات] (3) فانصرفت راجعا، فاستقبلت الاخر خارجا من القرية، فقال: أين تذهب هذه الساعة التي يرجع فيها الناس إلى معسكرهم؟
فلم أكلمه، ومضيت، فنفرت بي فرسي، وذهبت تتمطر (4)، فإذا به في أثرى حتى لحقني، فعطفت عليه، وقلت: ما بالك؟ قال: أظنك والله من عدونا. قلت: أجل والله، قال: إذا لا تبرح حتى أقتلت أو تقتلني، فحملت عليه وحمل على، فاضطربنا بسيفينا ساعة، فوالله ما فضلته في شدة نفس ولا إقدام، إلا أن سيفي كان أقطع من سيفه فقتلته.
* * * وبلغ شبيبا أن جند الشام الذي مع حبيب حملوا معهم حجرا، وحلفوا لا يفرون حتى يفر هذا الحجر، فأراد أن يكذبهم، فعمد إلى أربعة أفراس، وربط في أذنابها ترسة،

(1) الطبري: (قتلت منهم أمس رجلين: أحدهما أشجع الناس، والاخر أجبن الناس).
(2) الطبري: (كأنك لم تشتر علفا).
(3) من الطبري.
(4) تتمطر: تسرع في جريها.
(٢٧٤)
مفاتيح البحث: الشام (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232