شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٥٦
بدأ هو، وإن هجهج (1) أقدم، وإني قد قاتلتهم وبلوتهم، فإذا أصحرت لهم انتصفوا منى، وكان لهم الفضل على، وإذا خندقت أو قاتلت في مضيق نلت منهم ما أحب، وكانت لي عليهم، فلا تلقهم وأنت تستطيع إلا وأنت في تعبية أو خندق، ثم ودعه، وقال له:
هذه فرسي الفسيفساء خذها فيها لا تجاري، فأخذها ثم خرج بالناس نحو شبيب، فلما دنا منه ارتفع شبيب عنه إلى دقوقاء وشهرزور، فخرج عبد الرحمن في طلبه، حتى إذا كان على تخوم تلك الأرض أقام، وقال: إنما هو في أرض الموصل، فليقاتل أمير الموصل وأهلها عن بلادهم أو فليدعوا.
وبلغ ذلك الحجاج، فكتب إليه:
أما بعد فاطلب شبيبا واسلك في أثره (2) أين سلك حتى تدركه فتقتله أو تنفيه عن الأرض، فإنما السلطان سلطان أمير المؤمنين، والجند جنده. والسلام.
فلما قرأ عبد الرحمن كتاب الحجاج خرج في طلب شبيب، فكان شبيب يدعه، حتى إذا دنا منه ليبيته فيجده قد خندق وحذر، فيمضى ويتركه، فيتبعه عبد الرحمن فإذا بلغ شبيبا أنه قد تحمل وسار يطلبه كر في الخيل نحوه، فإذا انتهى إليه وجده قد صف خيله ورجالته المرامية، فلا يصيب له غرة ولا غفلة (3)، فيمضى ويدعه.
ولما رأى شبيب أنه لا يصيب غرته، ولا يصل إليه، صار يخرج كلما دنا منه عبد الرحمن، حتى ينزل على مسيرة عشرين فرسخا، ثم يقيم في أرض غليظة وعرة، فيجئ عبد الرحمن في ثقله وخيله، حتى إذا دنا من شبيب ارتحل، فسار عشرين أو خمسة عشر فرسخا، فنزل منزلا غليظا خشنا، ثم يقيم حتى يبلغ عبد الرحمن ذلك المنزل، ثم يرتحل، فعذب العسكر، وشق عليهم، وأحفى دوابهم، ولقوا منه كل بلاء.

(1) هجهج: صيح به.
(2) ج: (واسلك أينما سلك).
(3) الطبري: (ولا له علة).
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232