فلم يزل عبد الرحمن يتبعه، حتى صار إلى خانقين وجلولاء، ثم أقبل على تامرا (1)، فصار إلى البت (2)، ونزل على تخوم الموصل ليس بينه وبين الكوفة إلا نهر حولايا (3)، وجاء عبد الرحمن حتى نزل بشرقي حولايا، وهم في راذان (4) الأعلى من أرض جوخى، ونزل في عواقيل (5) من النهر، ونزلها عبد الرحمن حيث نزلها، وهي تعجبه، يرى أنها مثل الخندق الحصين.
فأرسل شبيب إلى عبد الرحمن أن هذه الأيام أيام عيد لنا ولكم، فإن رأيتم أن توادعونا حتى تمضي هذه الأيام فعلتم، فأجابه عبد الرحمن إلى ذلك، ولم يكن شئ أحب إلى عبد الرحمن من المطاولة والموادعة، فكتب عثمان بن قطن إلى الحجاج:
أما بعد، فإني أخبر الأمير أصلحه الله، أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قد حفر جوخى كلها عليه خندقا واحدا، وخلى شبيبا، وكسر خراجها، فهو يأكل أهلها، والسلام.
فكتب إليه الحجاج:
قد فهمت ما ذكرت، وقد لعمري فعل عبد الرحمن، فسر إلى الناس، فأنت أميرهم، وعاجل المارقة حتى تلقاهم، [فإن الله إن شاء ناصرك عليهم] (6)، والسلام.
وبعث الحجاج على المدائن مطرف بن المغيرة بن شعبة، وخرج عثمان حتى قدم على