وكان أول من جاء من الناس عثمان بن قطن، ومعه مواليه وناس من أهله، وقال:
أعلموا الأمير مكاني، أنا عثمان بن قطن، فليأمرني بأمره. فناداه الغلام صاحب المصباح:
قف مكانك حتى يأتيك أمر الأمير، وجاء الناس من كل جانب، وبات عثمان مكانه فيمن اجتمع إليه من الناس، حتى أصبح.
وقد كان عبد الملك بن مروان بعث محمد بن موسى بن طلحة على سجستان، وكتب له عهده عليها، وكتب إلى الحجاج: إذا قدم عليك محمد بن موسى الكوفة، فجهز معه ألفي رجل، وعجل سراحه إلى سجستان.
فلما قدم الكوفة، جعل يتجهز (1)، فقال له أصحابه ونصحاؤه: تعجل أيها الرجل إلى عملك، فإنك لا تدرى ما يحدث، وعرض أمر شبيب حينئذ ودخوله الكوفة، فقيل للحجاج: إن محمد بن موسى إن سار إلى سجستان مع نجدته وصهره لأمير المؤمنين عبد الملك، فلجأ إليه أحد ممن تطلبه، منعك منه. قال: فما الحيلة؟ قالوا: أن تذكر له أن شبيبا في طريقه وقد أعياك، وأنك ترجو أن يريح الله منه على يده، فيكون له ذكر ذلك وشهرته.
فكتب إليه الحجاج: إنك عامل على كل بلد مررت به، وهذا شبيب في طريقك تجاهده ومن معه، ولك أجره وذكره وصيته، ثم تمضي إلى عملك، فاستجاب له.
وبعث الحجاج بشر بن غالب الأسدي في ألفي رجل، وزياد بن قدامة في ألفين، وأبا الضريس مولى تميم في ألف من الموالي، وأعين صاحب حمام أعين مولى لبشر بن مروان في ألف، وجماعة غيرهم، فاجتمعت تلك الامراء في أسفل الفرات، وترك شبيب الوجه الذي فيه جماعة هؤلاء القواد، وأخذ نحو القادسية، فوجه الحجاج زحر بن قيس