شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٤٧
وكأن حافرها بكل ثنية * فرق يكيل به شحيح معدم (1) (2 ثم أقحم هو وأصحابه المسجد الجامع، ولا يفارقه قوم يصلون 2) فيه، فقتل منهم جماعة، ومر هو بدار حوشب - وكان هو على شرطة الحجاج - فوقف على بابه في جماعة، فقالوا: إن الأمير - يعنون الحجاج - يدعو حوشبا، وقد أخرج ميمون غلامه برذونه ليركب، [فكأنه أنكرهم، فظنوا أنه قد اتهمهم] (3) فأراد أن يدخل إلى صاحبه، فقالوا له: كما أنت حتى يخرج صاحبك إليك، فسمع حوشب الكلام، فأنكر القوم، وذهب لينصرف فعجلوا نحوه، فأغلق الباب دونه، فقتلوا غلامه ميمونا، وأخذوا برذونه، ومضوا حتى مروا بالجحاف بن نبيط الشيباني، من رهط حوشب. فقال له سويد: انزل إلينا، فقال:
ما تصنع بنزولي! فقال: انزل، إني لم أقضك ثمن البكرة التي ابتعتها منك بالبادية، فقال الجحاف: بئس ساعة القضاء هذه! وبئس المكان لقضاء الدين هذا. ويحك! أما ذكرت أداء أمانتك إلا والليل مظلم، وأنت على متن فرسك! قبح الله يا سويد دينا لا يصلح ولا يتم إلا بقتل الأنفس (4) وسفك الدماء. ثم مروا بمسجد بنى ذهل، فلقوا ذهل بن الحارث، وكان يصلى في مسجد قومه، فيطيل الصلاة إلى الليل، فصادفوه منصرفا إلى منزله فقتلوه (5) ثم خرجوا متوجهين نحو الردمة (6)، وأمر الحجاج المنادى: يا خيل الله اركبي وأبشري، وهو فوق باب القصر، وهناك (7) مصباح مع غلام له قائم.

(1) الفرق: مكيال يسع ثلاثة آصع، أو ستة عشر رطلا. وفي الطبري: (كيل يكيل به)، وبعده:
عبد دعى من ثمود أصله * لا بل يقال أبو أبيهم يقدم (2 - 2) الطبري: (ثم اقتحموا المسجد الأعظم، وكان لا يفارقه قوم يصلون فيه).
(3) من الطبري.
(4) الطبري: (بقتل ذوي القرابة وسفك دماء هذه الأمة).
(5) في الطبري: (فشدوا عليه ليقتلوه، فقال: اللهم إني أشكو إليك هؤلاء وظلمهم وجهلهم، اللهم إني عنهم ضعيف فانتصر لي منهم، فضربوه حتى قتلوه).
(6) الطبري: (المردمة).
(7) الطبري: (وثم).
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست