أما بعد، فقد أتاني كتابك وقرأته، (1 وفهمت كل ما ذكرته فيه من أمر سعيد وأمر نفسك، وقد صدقتك في نصيحتك لأميرك وحيطتك على أهل مصرك، وشدتك على عدوك، وقد رضيت عجلة سعيد وتؤدتك 1). فأما عجلته فإنها أفضت به إلى الجنة، وأما تؤدتك (2 فإنها ما لم تدع الفرصة إذا أمكنت حزم 2)، وقد أحسنت وأصبت وأجرت، وأنت عندي من أهل السمع والطاعة والنصيحة، وقد أشخصت إليك حيان بن أبجر (3) الطبيب ليداويك، ويعالج جراحاتك، وقد بعثت إليك بألفي درهم نفقة تصرفها في حاجتك وما ينوبك (4). والسلام.
وبعث عبد الله بن أبي عصيفير والى المدائن إلى الجزل بألف درهم، وكان يعوده ويتعاهده بالألطاف والهدايا.
وأما شبيب، فأقبل حتى قطع دجلة عند الكرخ، وأخذ بأصحابه نحو الكوفة.
وبلغ الحجاج مكانه بحمام أعين، فبعث إليه سويد بن عبد الرحمن السعدي، فجهزه بألفي فارس منتخبين، وقال له: اخرج إلى شبيب فالقه ولا تتبعه، فخرج بالناس بالسبخة (5)، وبلغه أن شبيبا قد أقبل، فسار نحوه كأنما يساق إلى الموت هو وأصحابه، وأمر الحجاج عثمان بن قطن، فعسكر بالناس في السبخة، ونادى: ألا برئت الذمة من رجل من هذا الجند، بات الليلة بالكوفة، ولم يخرج إلى عثمان بن قطن بالسبخة، فبينا سويد بن عبد الرحمن يسير في الألفين الذين معه، وهو يعبيهم ويحرضهم، إذ قيل له: