مرتثا، وأقبل الناس منهزمين حتى دخلوا الكوفة، وأتى بالجزل جريحا حتى دخل المدائن، فكتب إلى الحجاج:
أما بعد، فإني أخبر الأمير - أصلحه الله - أنى خرجت فيمن قبلي من الجند الذي وجهني فيه إلى عدوه، وقد كنت حفظت عهد الأمير إلى فيهم ورأيه، فكنت أخرج إلى المارقين (1) إذا رأيت الفرصة، وأحبس [الناس] (2) عنهم إذا خشيت الورطة، فلم أزل كذلك أدير الامر، وأرفق في التدبير، وقد أرادني العدو بكل مكيدة، فلم يصب منى غرة، حتى قدم على سعيد بن مجالد، فأمرته بالتؤدة، ونهيته عن العجلة، وأمرته ألا يقاتلهم إلا في جماعة الناس عامة، فعصاني وتعجل إليهم في الخيل، فأشهدت الله عليه وأهل المصرين أنى برئ من رأيه الذي رأى، وأنى لا أهوى الذي صنع، فمضى فقتل، تجاوز الله عنه! ودفع (3) الناس [إلى] (2) فنزلت ودعوتهم إلى نفسي (4) ورفعت رايتي، وقاتلت حتى صرعت، فحملني أصحابي من بين القتلى، فما أفقت إلا وأنا على أيديهم، على رأس ميل من المعركة، وأنا اليوم بالمدائن، وفي جراحات (5) قد يموت الانسان من دونها، وقد يعافى من مثلها، فليسأل الأمير أصلحه الله عن نصيحتي له ولجنده، وعن مكايدتي عدوه، وعن موقفي يوم البأس، فإنه سيبين (6) له عند ذلك إني صدقته ونصحت له. والسلام.
فكتب إليه الحجاج: