شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٤٢
الدهقان من طعامه حتى أحاط بها ابن مجالد، فصعد الدهقان، ثم نزل، وقد تغير لونه، فقال شبيب: ما بالك؟ قال: قد جاءك جمع عظيم، قال: أبلغ (1) شواؤك؟ قال: لا، قال: دعه يبلغ، ثم أشرف الدهقان إشرافة أخرى، ثم نزل فقال: قد أحاطوا بالجوسق، قال: هات شواءك، فجعل يأكل غير مكترث بهم ولا فزع، فلما فرغ قال لأصحابه، قوموا إلى الصلاة، وقام فتوضأ، فصلى بأصحابه صلاة الأولى، ولبس درعه، وتقلد سيفه، وأخذ عموده الحديد، ثم قال: أسرجوا لي بغلتي، فقال أخوه: أفي مثل هذا اليوم تركب (2) بغلة؟ قال: نعم، أسرجوها، فركبها، ثم قال: يا فلان، أنت على الميمنة، وأنت يا فلان على الميسرة، وأنت يا مصاد - يعنى أخاه - على القلب، وأمر الدهقان ففتح الباب في وجوههم.
فخرج إليهم وهو يحكم (3)، وحمل حملة عظيمة، فجعل سعيد وأصحابه يرجعون القهقرى، حتى صار بينهم وبين الدير ميل، وشبيب يصيح: أتاكم الموت الزؤام!
فاثبتوا، وسعيد يصيح: يا معشر همدان، إلى إلى، أنا ابن ذي مران! فقال شبيب لمصاد:
ويحك! استعرضهم استعراضا، فإنهم قد تقطعوا، وإني حامل على أميرهم، وأثكلنيك الله إن لم أثكله ولده، ثم حمل على سعيد فعلاه بالعمود، فسقط (4) ميتا وانهزم أصحابه، ولم يقتل يومئذ من الخوارج إلا رجل واحد.
وانتهى قتل سعيد إلى الجزل، فناداهم: أيها الناس، إلى إلى، وصاح عياض ابن أبي لينة: أيها الناس، إن يكن أميركم هذا القادم هلك، فهذا أميركم الميمون النقيبة، أقبلوا إليه، فمنهم من أقبل إليه، ومنهم من ركب فرسه منهزما، وقاتل الجزل يومئذ قتالا شديدا حتى صرع، وحامى عنه خالد بن نهيك، وعياض بن أبي لينة، حتى استنقذاه

(1) الطبري: (أبلغ الشواء) وبلوغ الشواء: نضجه.
(2) الطبري: (تسرج).
(3) التحكيم: قول الخوارج: (لا حكم إلا لله).
(4) في الأصول: (ثم سقط)، والأجود ما أثبته من الطبري.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232