شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٩٧
فوقع الكتاب إلى قطري، فدعا بأبزى، فقال: ما هذا الكتاب؟ قال:
لا أدرى، قال: فما هذه الدراهم؟ قال: لا أعلم، فأمر به فقتل. فجاءه عبد ربه الصغير مولى بنى قيس بن ثعلبة، فقال له: أقتلت رجلا على غير ثقة (١) ولا تبين! قال قطري:
فما حال هذه الألف؟ قال: يجوز أن يكون أمرها كذبا، ويجوز أن يكون حقا، فقال قطري: إن قتل رجل في صلاح الناس غير منكر، وللامام أن يحكم بما رآه صلاحا، وليس للرعية أن تعترض عليه. فتنكر له عبد ربه في جماعة معه، ولم يفارقوه.
وبلغ ذلك المهلب فدس إليهم رجلا نصرانيا، جعل له جعلا يرغب في مثله، وقال له: إذا رأيت قطريا فاسجد له، فإذا نهاك فقل: إنما سجدت لك، ففعل ذلك النصراني، فقال قطري: إنما السجود لله تعالى، فقال ما سجدت إلا لك، فقال رجل من الخوارج: إنه قد عبدك من دون الله، وتلا: ﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون﴾ (2)، فقال قطري: إن النصارى قد عبدوا عيسى بن مريم، فما ضر عيسى ذلك شيئا. فقام رجل من الخوارج إلى النصراني فقتله، فأنكر قطري ذلك عليه، وأنكر قوم من الخوارج إنكاره.
وبلغ المهلب ذلك، فوجه إليهم رجلا يسألهم، فأتاهم الرجل، فقال: أرأيتم رجلين خرجا مهاجرين إليكم، فمات أحدهما في الطريق، وبلغ الاخر إليكم فامتحنتموه فلم يجز المحنة، ما تقولون فيهما؟ فقال بعضهم: أما الميت فمؤمن من أهل الجنة، وأما الذي لم يجز المحنة فكافر حتى يجيز المحنة.
وقال قوم آخرون: بل هما كافران حتى يجيز المحنة، فكثر الاختلاف.
وخرج قطري إلى حدود إصطخر، فأقام شهرا، والقوم في اختلافهم. ثم أقبل فقال

(١) ج: (وثيقة).
(٢) سورة الأنبياء ٩٨
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232