في ذلك لنا، فلم نطعه، ولبس سلاحه واتبعه جماعة من العسكر، فصاروا إليه، فإذا المهلب والمغيرة ولا ثالث لهما، فقالوا: انصرف أيها الأمير فنحن نكفيك إن شاء الله، فلما أصبحوا إذا هم بالشراة على العقبة، فخرج إليهم غلام من أهل عمان على فرس، فجعل يحمل وفرسه تزلق، ويلقاه مدرك في جماعة معه، حتى ردوهم عن العقبة. فلما كان يوم النحر والمهلب على المنبر يخطب الناس، إذ الشراة قد أكبوا (2)، فقال المهلب: سبحان الله!
أفي مثل هذا اليوم! يا مغيرة اكفنيهم: فخرج إليهم المغيرة، وأمامه سعد بن نجد القردوسي (3) وكان سعد مقدما في شجاعته، وكان الحجاج (4) إذا ظن برجل أن نفسه قد أعجبته قال له:
لو كنت سعد بن نجد القردوسي ما عدا (5)! فخرج أمام المغيرة، ومع المغيرة جماعة من فرسان المهلب، فالتقوا، وأمام الخوارج غلام جامع السلاح، مديد القامة، كريه الوجه، شديد الحملة، صحيح الفروسية، فأقبل يحمل على الناس، ويرتجز فيقول:
نحن صبحناكم غداة النحر * بالخيل أمثال الوشيج تجرى (6) فخرج إليه سعد بن نجد القردوسي، من الأزد، فتجاولا ساعة ثم طعنه سعد فقتله، والتقى الناس، فصرع المغيرة يومئذ، فحامي عليه سعد بن نجد ودينار السجستاني (7) وجماعة من الفرسان، حتى ركب وانكشف الناس عند سقطة المغيرة حتى صاروا إلى المهلب، فقالوا:
قتل المغيرة، فأتاه دينار السجستاني، فأخبره بسلامته، فأعتق كل مملوك كان بحضرته.