شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٩٢
في ذلك لنا، فلم نطعه، ولبس سلاحه واتبعه جماعة من العسكر، فصاروا إليه، فإذا المهلب والمغيرة ولا ثالث لهما، فقالوا: انصرف أيها الأمير فنحن نكفيك إن شاء الله، فلما أصبحوا إذا هم بالشراة على العقبة، فخرج إليهم غلام من أهل عمان على فرس، فجعل يحمل وفرسه تزلق، ويلقاه مدرك في جماعة معه، حتى ردوهم عن العقبة. فلما كان يوم النحر والمهلب على المنبر يخطب الناس، إذ الشراة قد أكبوا (2)، فقال المهلب: سبحان الله!
أفي مثل هذا اليوم! يا مغيرة اكفنيهم: فخرج إليهم المغيرة، وأمامه سعد بن نجد القردوسي (3) وكان سعد مقدما في شجاعته، وكان الحجاج (4) إذا ظن برجل أن نفسه قد أعجبته قال له:
لو كنت سعد بن نجد القردوسي ما عدا (5)! فخرج أمام المغيرة، ومع المغيرة جماعة من فرسان المهلب، فالتقوا، وأمام الخوارج غلام جامع السلاح، مديد القامة، كريه الوجه، شديد الحملة، صحيح الفروسية، فأقبل يحمل على الناس، ويرتجز فيقول:
نحن صبحناكم غداة النحر * بالخيل أمثال الوشيج تجرى (6) فخرج إليه سعد بن نجد القردوسي، من الأزد، فتجاولا ساعة ثم طعنه سعد فقتله، والتقى الناس، فصرع المغيرة يومئذ، فحامي عليه سعد بن نجد ودينار السجستاني (7) وجماعة من الفرسان، حتى ركب وانكشف الناس عند سقطة المغيرة حتى صاروا إلى المهلب، فقالوا:
قتل المغيرة، فأتاه دينار السجستاني، فأخبره بسلامته، فأعتق كل مملوك كان بحضرته.

(1) الشراة: الخوارج، قال الجوهري: سموا بذلك لقولهم: إنا شرينا أنفسنا في طاعة الله، أي بعناها بالجنة حين فارقنا الأئمة الجائرة.
(2) الكامل: (تألبوا).
(3) في الأصول: (الفردوسي)، تصحيف صوابه من الكامل، وقردوس: قبيلة من الأزد.
(4) الكامل: (المهلب).
(5) أي ما تجاوز إعجابك إعجابه.
(6) الوشيج: ما نبت من شجر الرماح ملتفا دخل بعضه في بعض، أو ما صلب فيه.
(7) الكامل: (السختياني).
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232