فقال: خذوا عليهم الطريق، فبادر بشر بن المغيرة، ومدرك والمفضل ابنا المهلب، فسبق بشر إلى الطريق، فإذا رجل أسود من الأزارقة يشل السرح (1)، وهو يقول:
نحن قمعناكم بشل السرح * وقد نكأنا القرح بعد القرح (2) ولحقه المفضل ومدرك، فصاحا برجل من طيئ: أكفنا الأسود، فاعتوره الطائي وبشر ابن المغيرة فقتلاه، وأسرا رجلا من الأزارقة من همدان، واستردا السرح (3).
قال: وكان عياش الكندي شجاعا بئيسا (4)، فأبلى يومئذ، فلما مات على فراشه بعد ذلك، قال المهلب: لا وألت (5) نفس الجبان بعد عياش! وقال المهلب: ما رأيت تالله كهؤلاء القوم، كلما انتقص (6) منهم يزيد فيهم!
* * * ووجه الحجاج رجلين إلى المهلب يستحثانه بالقتال: أحدهما من كلب، والاخر من سليم، فقال المهلب متمثلا بشعر لأوس بن حجر:
ومستعجب مما يرى من أناتنا * ولو زبنته الحرب لم يترمرم (7) فقال المهلب ليزيد ابنه: حرك القوم، فحركهم فتهايجوا، وذلك في قرية من قرى إصطخر، فحمل رجل من الخوارج على رجل من أصحاب المهلب وطعنه، فشك فخذه بالسرج، فقال المهلب للسلمي والكلبي: كيف يقاتل (8) قوم هذا طعنهم وحمل