قال: وورد في ذلك الوقت على المهلب عبيد بن أبي ربيعة بن أبي الصلت الثقفي من عند الحجاج، يستحثه بالقتال، ومعه أمينان، فقال للمهلب: خالفت وصيه الأمير، وآثرت المدافعة والمطاولة. فقال له المهلب: والله ما تركت جهدا.
فلما كان العشى خرجت الأزارقة، وقد حملوا حريمهم وأموالهم، وخف (1) متاعهم لينتقلوا، فقال المهلب لأصحابه: الزموا مصافكم، وأشرعوا (2) رماحكم، ودعوهم والذهاب، فقال له عبيدة بن أبي ربيعة: هذا لعمري أيسر عليك. فغضب وقال للناس:
ردوهم عن وجههم، وقال لبنيه: تفرقوا في الناس وقال لعبيدة بن أبي ربيعة: كن مع [يزيد، فخذه بالمحاربة أشد الاخذ، وقال لأحد الأمينين: كن مع] (3) المغيرة، ولا ترخص له في الفتور.
فاقتتلوا قتالا شديدا، حتى عقرت الخيل (4)، وصرع الفرسان، وقتلت الرجالة (5)، وجعلت الخوارج تقاتل عن القدح (6) يؤخذ منها، والسوط والعلف والحشيش (7) أشد قتال.
وسقط رمح لرجل من مراد، من الخوارج، فقاتلوا عليه حتى كثر الجراح والقتل، وذلك مع المغرب، والمرادي يرتجز، ويقول:
الليل ليل فيه ويل ويل * قد سال بالقوم الشراة السيل * إن جاز للأعداء فينا قول *