فغضبت بكر بن وائل للمهلب للحلف، ووثب نعيم بن هبيرة، ابن أخي مصقلة ابن هبيرة على عتاب فشتمه، وقد كان المهلب كارها للحلف، فلما رأى نصرة بكر ابن وائل له سره، واغتبط به، فلم يزل يؤكده، وغضبت تميم البصرة لعتاب، وغضبت أزد الكوفة للمهلب، فلما رأى ذلك المغيرة مشى بين أبيه وبين عتاب، وقال لعتاب:
يا أبا ورقاء، إن الأمير يصير إلى كل ما تحب، وسأل أباه أن يرزق أهل الكوفة، ففعل فصلح الامر، فكانت تميم قاطبة وعتاب بن ورقاء يحمدون المغيرة بن المهلب، وكان عتاب يقول: إني لأعرف فضله على أبيه.
وقال رجل من الأزد، من بنى إياد بن سود:
ألا أبلغ أبا ورقاء عنا * فلو لا أننا كنا غضابا على الشيخ المهلب إذ جفانا * للاقت خيلكم منا ضرابا * * * قال: وكان المهلب يقول لبنيه: لا تبدءوا الخوارج بقتال حتى يبدأوكم، ويبغوا عليكم، فإنهم إذا بغوا عليكم نصرتم عليهم.
فشخص عتاب إلى الحجاج في سنة سبع وسبعين، فوجهه إلى شبيب فقتله شبيب.
وأقام المهلب على حربهم، فلما انقضى من مقامه ثمانية عشر شهرا اختلفوا وافترقت كلمتهم. وكان سبب اختلافهم أن رجلا حدادا من الأزارقة، كان يعمل نصالا مسمومة، فيرمى بها أصحاب المهلب، فرفع ذلك إلى المهلب، فقال: أنا أكفيكموه إن شاء الله، فوجه رجلا من أصحابه بكتاب وألف درهم إلى عسكر قطري، فقال له: ألق هذا الكتاب في العسكر والدراهم، واحذر على نفسك - وكان الحداد يقال له أبزى - فمضى الرجل.
وكان في الكتاب: أما بعد، فإن نصالك قد وصلت إلى، وقد وجهت إليك بألف درهم فاقبضها وزدنا من هذه النصال.