شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٩٣
قال: ووجه الحجاج الجراح بن عبد الله إلى المهلب يستبطئه في مناجزة القوم، وكتب إليه:
أما بعد، فإنك جبيت الخراج بالعلل (1)، وتحصنت بالخنادق، وطاولت القوم وأنت أعز ناصرا، وأكثر عددا، وما أظن بك مع هذا معصية ولا جبنا، ولكنك اتخذتهم أكلا (2)، وكان بقاؤهم أيسر عليك من قتالهم، فناجزهم وإلا أنكرتني، والسلام.
فقال المهلب للجراح: يا أبا عقبة، والله ما تركت حيلة إلا احتلتها، ولا مكيدة إلا أعملتها، وما العجب من إبطاء النصرة (3) وتراخى الظفر، ولكن العجب أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره.
ثم ناهضهم ثلاثة أيام، يغاديهم القتال، فلا يزالون كذلك إلى العصر، وينصرف أصحابه وبهم قرح، وبالخوارج قرح وقتل. فقال له الجراح: قد أعذرت.
فكتب المهلب إلى الحجاج:
أتاني كتابك تستبطئني في لقاء القوم، على أنك لا تظن بي معصية ولا جبنا، وقد عاتبتني معاتبة الجبان (4)، وأوعدتني وعيد (5) العاصي، فسل الجراح. والسلام.
فقال الحجاج للجراح: كيف رأيت أخاك؟ قال: والله أيها الأمير، ما رأيت مثله قط، ولا ظننت أن أحدا يبقى على مثل ما هو عليه، ولقد شهدت أصحابه أياما ثلاثة يغدون إلى الحرب، ثم ينصرفون عنها، وهم يتطاعنون بالرماح، ويتجالدون بالسيوف،

(1) بالعلل، أي سترته بالعلل.
(2) الاكل بالضم: اسم للمأكول.
(3) الكامل: (النصر).
(4) أي معاتبتك للجبان.
(5) في الأصول: (وعد)، وما أثبته من الكامل.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232