شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٩٥
قال: ووجه الحجاج إلى المهلب رجلين يستحثانه لمناجزة القوم: أحدهما يقال له زياد ابن عبد الرحمن، من بنى عامر بن صعصعة، والاخر من آل أبي عقيل من رهط الحجاج، فضم المهلب زيادا إلى ابنه حبيب، وضم الثقفي إلى ابنه يزيد، وقال لهما: خذا يزيد وحبيبا بالمناجزة، وغادوا الخوارج. فاقتتلوا أشد قتال، فقتل زياد بن عبد الرحمن العامري، وفقد الثقفي. ثم باكروهم في اليوم الثاني، وقد وجد الثقفي، فدعا به المهلب، ودعا بالغداء، فجعل النبل يقع قريبا منهم ويتجاوزهم، والثقفي يعجب من أمر المهلب، فقال الصلتان العبدي:
ألا يا اصبحاني قبل عوق العوائق (1) * وقبل اختراط القوم مثل العقائق (2) غداة حبيب في الحديد يقودنا * يخوض المنايا في ظلال الخوافق حرون إذا ما الحرب طار شرارها (3) * وهاج عجاج النقع فوق المفارق (4) فمن مبلغ الحجاج أن أمينه * زيادا أطاحته رماح الأزارق!
فلم يزل عتاب بن ورقاء مع المهلب ثمانية أشهر حتى ظهر شبيب بن يزيد، فكتب الحجاج إلى عتاب يأمره بالمصير إليه ليوجهه إلى شبيب، وكتب إلى المهلب يأمره أن يرزق الجند، فرزق أهل البصرة، وأبى أن يرزق أهل الكوفة، فقال له عتاب:
ما أنا ببارح حتى ترزق أهل الكوفة، فأبى، فجرت بينهما غلظة، فقال له عتاب: قد كان يبلغني أنك شجاع، فرأيتك جبانا، وكان يبلغني أنك جواد، فرأيتك بخيلا. فقال له المهلب: يا بن اللخناء، فقال له عتاب: لكنك معم مخول!

(1) اصبحاني، من صبحه إذا سقاه صبوحا من خمر أولين. والعوائق: جمع عائقة، وهي كل ما صرفك عما تريد.
(2) في الكامل: (قوله: وقبل اختراط القوم مثل العقائق، يعنى السيوف، والعقائق: جمع عقيقة، يقال: سيف كأنه عقيقة برق، أي كأنه لمعة برق، ويقال: انعق البرق إذا تبسم).
(3) حرون، لقب حبيب، لأنه كان يحرن في الحرب فلا يبرح، وذلك مستعر من قولهم: فرس حرون لا ينقاد، وانظر رغبة الامل 4: 88.
(4) الكامل: (البوارق)، والبوارق: السيوف.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232