ابن مخنف: خندق على نفسك. فوجه إليه: خنادقنا سيوفنا، فوجه المهلب إليه: إني لا آمن عليك البيات، فقال ابنه جعفر: ذاك أهون علينا من ضرطة جمل، فأقبل المهلب على ابنه المغيرة، فقال: لم يصيبوا الرأي، ولم يأخذوا بالوثيقة.
فلما أصبح القوم عاودوه الحرب، فبعث إلى ابن مخنف يستمده، فأمده بجماعة، جعل عليهم ابنه جعفرا، فجاءوا وعليهم أقبية بيض جدد، فأبلوا يومئذ حتى عرف مكانهم المهلب، وأبلى بنوه يومئذ كبلاء الكوفيين أو أشد.
ثم أتى رئيس من الخوارج، يقال له صالح بن مخراق، وهو ينتخب قوما من جلة العسكر حتى بلغ أربعمائة، فقال لابنه المغيرة: ما أراه يعد هؤلاء إلا للبيات (1).
وانكشفت الخوارج، والامر للمهلب عليهم، وقد كثر فيهم الجراح والقتل، وقد كان الحجاج يتفقد العصاة، ويوجه الرجال، وكان يحبسهم نهارا، ويفتح الحبس ليلا، فيتسلل الرجال إلى ناحية المهلب، وكان الحجاج لا يعلم، فإذا رأى إسراعهم تمثل:
إن لها لسائقا عشنزرا * إذا وثبن وثبة تغشمرا.
* * * ثم كتب الحجاج إلى المهلب يستحثه:
أما بعد، فإنه قد بلغني أنك قد أقبلت على جباية الخراج، وتركت قتال العدو، وإني وليتك (3) وأنا أرى مكان عبد الله بن حكيم المجاشعي، وعباد بن الحصين الحبطي، واخترتك وأنت من أهل عمان، ثم رجل من الأزد، فالقهم يوم كذا في مكان كذا، وإلا أشرعت إليك صدر الرمح