ويتخابطون بالعمد، ثم يروحون كأن لم يصنعوا شيئا، رواح قوم تلك عادتهم وتجارتهم.
فقال الحجاج: لشد ما مدحته (1) أبا عقبة! فقال: الحق أولى.
وكانت ركب الناس (2) قديما من الخشب، فكان الرجل يضرب ركابه فينقطع، فإذا أراد الضرب أو الطعن لم يكن له معتمد، فأمر المهلب بضرب (3) الركب من الحديد:
فهو أول من أمر بطبعها، وفي ذلك يقول عمران بن عصام العنزي:
ضربوا الدراهم في إمارتهم * وضربت للحدثان والحرب حلقا ترى منها مرافقهم * كمناكب الجمالة الجرب (4) * * * قال: وكتب الحجاج إلى عتاب بن ورقاء الرياحي، من بنى رياح بن يربوع - وهو والى أصفهان - يأمره بالمسير إلى المهلب، وأن يضم إليه جند عبد الرحمن بن مخنف، فكل بلد يدخلانه من فتوح أهل البصرة فالمهلب أمير الجماعة فيه، وأنت على أهل الكوفة، فإذا دخلتم بلدا فتحه أهل الكوفة (5) فأنت أمير الجماعة، والمهلب على أهل البصرة.
فقدم عتاب في إحدى جماديين من سنة ست وسبعين على المهلب، وهو بسابور - وهي من فتوح أهل البصرة - فكان المهلب أمير الناس وعتاب على أصحاب ابن مخنف، والخوارج بأيديهم كرمان، وهم بإزاء المهلب بفارس، يحاربونه من جميع النواحي.