شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٠٧
فكانوا يتغادون القتال ويتراوحون، فتصيبهم الجراح، ثم يتحاجزون، فكأنما انصرفوا عن مجلس كانوا يتحدثون فيه، يضحك بعضهم إلى بعض، فقال عبيد بن موهب للمهلب: قد بان عذرك، فاكتب فإني مخبر الأمير.
فكتب إلى الحجاج:
أما بعد، فإني لم أعط رسلك على قول الحق أجرا، ولم أحتج منهم عن المشاهدة إلى تلقين. ذكرت إني أجم القوم، ولا بد من وقت راحة يستريح فيه الغالب، ويحتال فيه المغلوب. وذكرت أن في الجمام ما ينسى القتلى، وتبرأ [منه] (1) الجراح، هيهات أن ينسى ما بيننا وبينهم! تأبى ذلك قتلى لم تجن (2)، وقروح لم تتقرف (3)، ونحن والقوم على حالة، وهم يرقبون منا حالات، إن طمعوا حاربوا، وإن ملوا وقفوا، وإن يئسوا انصرفوا. وعلينا أن نقاتلهم إذا قاتلوا، ونتحرز إذا وقفوا، ونطلب إذا هربوا، فإن تركتني والرأي، كان القرن مقصوما، والداء بإذن الله محسوما، وإن أعجلتني لم أطعك ولم أعصك، وجعلت وجهي إلى بابك، وأعوذ بالله من سخط الله ومقت الناس.
قال: ولما اشتد الحصار على عبد ربه، قال لأصحابه: لا تفتقروا إلى من ذهب عنكم من الرجال، فإن المسلم لا يفتقر مع الاسلام إلى غيره، والمسلم إذا صح توحيده عز بربه، وقد أراحكم الله من غلظة قطري، وعجلة صالح بن مخراق ونخوته، واختلاط عبيدة بن هلال، ووكلكم إلى بصائركم، فالقوا عدوكم بصبر ونية، وانتقلوا عن منزلكم هذا، فمن قتل منكم قتل شهيدا، ومن سلم من القتل فهو المحروم.

(1) من الكامل.
(2) لم تجن: لم تدفن في الجنن، وهو القبر (3) لم تتقرف: لم تتقشر.
(٢٠٧)
مفاتيح البحث: القتل (7)، الهلال (1)، الدفن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232