فقال: بلى، قد سمعت، ولكن قولي أحب إلى منه:
ولما وقفتم غدوة وعدوكم * إلى مهجتي وليت أعداءكم ظهري وطرت ولم أحفل ملامة جاهل * يساقى المنايا بالردينية السمر (1) فقال المهلب: بئس حشو الكتيبة أنت والله يا أبا حرملة! إن شئت أذنت لك فانصرفت إلى أهلك. قال: بل أقيم معك أيها الأمير، فوهب له المهلب وأعطاه، فقال يمدحه:
يرى حتما عليه أبو سعيد * جلاد القوم في أولى النفير إذا نادى الشراة أبا سعيد * مشى في رفل محكمة القتير (2) قال: وكان المهلب يقول: ما يسرني أن في عسكري ألف شجاع مكان بيهس بن صهيب، فيقال له: أيها الأمير، بيهس ليس بشجاع، فيقول: أجل، ولكنه سديد الرأي، محكم العقل، وذو الرأي حذر سئول، فأنا آمن أن يغتفل، ولو كان مكانه ألف شجاع لخلت أنهم ينشامون (3) حيث يحتاج إليهم.
قال: ومطرت السماء مطرا شديدا وهم بسابور، وبين المهلب وبين الشراة عقبة، فقال المهلب: من يكفينا أمر هذه العقبة الليلة؟ فلم يقم أحد، فلبس المهلب سلاحه، وقام إلى العقبة واتبعه ابنه المغيرة، فقال رجل من أصحابه: دعانا الأمير إلى ضبط العقبة، والحظ