أصلح الله الأمير! إن بي فتقا، وقد عذرني بشر بن مروان، وقد رددت العطاء، فقال: إنك عندي لصادق، ثم أمر به فضربت عنقه، ففي ذلك يقول كعب الأشقري - أو الفرزدق (1):
لقد ضرب الحجاج بالمصر ضربة * تقرقر منها بطن كل عريف (2) * * * ويروى عن أبي البئر (3)، قال: إنا لنتغدى معه يوما، إذ جاءه رجل من بنى سليم (4) برجل يقوده، فقال: أصلح الله الأمير! إن هذا عاص، فقال له الرجل: أنشدك الله أيها الأمير في دمى! فوالله ما قبضت ديوانا قط، ولا شهدت عسكرا قط، وإني لحائك، أخذت من تحت الحف (5) فقال: اضربوا عنقه. فلما أحس بالسيف سجد، فلحقه السيف وهو ساجد، فأمسكنا عن الاكل، فأقبل علينا، وقال: ما لي أراكم قد صفرت أيديكم، واصفرت وجوهكم، وحد نظركم من قتل رجل واحد! ألا إن العاصي يجمع خلالا، يخل بمركزه، ويعصى أميره، ويغر المسلمين، وهو أجير لهم، وإنما يأخذ الأجرة لما يعمل، والوالي مخير فيه، إن شاء قتل، وإن شاء عفا.
ثم كتب إلى المهلب:
أما بعد، فإن بشرا استكره نفسه (6) عليك، وأراك غناه (7) عنك، وأنا أريك حاجتي إليك، فأرني الجد في قتال عدوك، ومن خفته على المعصية ممن قبلك فاقتله،