فشاور المهلب بنيه، فقالوا: أيها الأمير (1، لا تغلظ عليه في الجواب 1).
فكتب إليه:
ورد إلى كتابك، تزعم أنى أقبلت على جباية الخراج، وتركت قتال العدو، ومن عجز عن جباية الخراج، فهو عن قتال العدو أعجز. وزعمت أنك وليتني، وأنت ترى مكان عبد الله بن حكيم وعباد بن الحصين، ولو وليتهما لكانا مستحقين لذلك لفضلهما وغنائهما وبطشهما. وزعمت أنك اخترتني وأنا رجل من الأزد، ولعمري إن شرا من الأزد لقبيلة تنازعتها ثلاث قبائل، لم تستقر في واحدة منهن. وزعمت أنى إن لم ألقهم يوم كذا في مكان كذا أشرعت إلى صدر الرمح، لو فعلت لقلبت لك ظهر المجن (2). والسلام.
قال: ثم كانت الوقعة بينه وبين الخوارج عقيب هذا الكتاب.
* * * فلما انصرف الخوارج تلك الليلة، قال لابنه المغيرة: إني أخاف البيات على بنى تميم، فانهض إليهم فكن فيهم، فأتاهم المغيرة، فقال له الحريش بن هلال: يا أبا حاتم، أيخاف الأمير أن يؤتى من ناحيتنا! قل له: فليبت آمنا، فإنا كافوه ما قبلنا إن شاء الله.
فلما انتصف الليل، وقد رجع المغيرة إلى أبيه، سرى صالح بن مخراق في القوم الذين كان أعدهم للبيات إلى ناحية بنى تميم، ومعه عبيدة بن هلال، وهو يقول:
إني لمذك للشراة نارها * ومانع ممن أتاها دارها * وغاسل بالسيف عنها عارها. *