بسوق الأهواز، وأراد أهل البصرة الانسلال من المهلب، فخطبهم فقال: إنكم لستم كأهل الكوفة، إنما تذبون عن مصركم وأموالكم وحرمكم.
فأقام منهم قوم، وتسلل منهم قوم كثير.
وكان خالد بن عبد الله خليفة بشر بن مروان، فوجه مولى له بكتاب منه إلى من بالأهواز، يحلف بالله مجتهدا: لئن لم يرجعوا إلى مراكزهم، وانصرفوا عصاة لا يظفر بأحد إلا قتله. فجاءهم مولاه، فجعل يقرأ عليهم الكتاب، ولا يرى في وجوههم قبولا، فقال:
إني أرى وجوها ما القبول من شأنها، فقال له ابن زحر: أيها العبد، اقرأ ما في الكتاب، وانصرف إلى صاحبك، فإنك لا تدرى ما في أنفسنا. وجعلوا يستحثونه بقراءته، ثم قصدوا قصد الكوفة، فنزلوا النخيلة، وكتبوا إلى خليفة بشر يسألونه أن يأذن لهم في دخول الكوفة، فأبى، فدخلوها بغير إذن.
فلم يزل المهلب ومن معه من قواده وابن مخنف، في عدد قليل، فلم يلبثوا أن ولى الحجاج العراق.
فدخل الكوفة قبل البصرة، وذلك في سنة خمس وسبعين، فخطبهم الخطبة المشهورة (1)، وتهددهم، ثم نزل فقال لوجوه أهلها: ما كانت الولاة تفعل بالعصاة؟ قالوا: كانت تضرب وتحبس، فقال: ولكن ليس لهم عندي إلا السيف، إن المسلمين لو لم يغزوا المشركين لغزاهم المشركون، ولو ساغت المعصية لأهلها، ما قوتل عدو، ولا جبى فئ، ولا عز دين.
ثم جلس لتوجيه الناس، فقال: قد أجلتكم ثلاثا، وأقسم بالله لا يتخلف أحد من