شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٨٨
فوجد بنى تميم أيقاظا متحارسين، وخرج إليهم الحريش بن هلال، وهو يقول:
وجدتمونا وقرا أنجادا * لا كشفا ميلا ولا أوغادا (1) ثم حمل على الخوارج، فرجعوا عنه، فاتبعهم ثم صاح بهم: إلى أين يا كلاب النار!
فقالوا: إنما أعدت لك ولأصحابك، فقال الحريش: كل مملوك لي حر إن لم تدخلوا النار، ما دخلها مجوسي فيما بين سفوان (2) وخراسان.
ثم قال بعضهم لبعض: نأتى عسكر ابن مخنف، فإنه لا خندق عليه، وقد بعث فرسانهم اليوم مع المهلب، وقد زعموا أنا أهون عليهم من ضرطة جمل. فأتوهم فلم يشعر ابن مخنف وأصحابه، إلا وقد خالطوهم في عسكرهم.
وكان ابن مخنف شريفا، وفيه يقول رجل من بنى عامر لرجل يعاتبه، ويضرب بابن مخنف المثل:
تروح وتغدو كل يوم معظما * كأنك فينا مخنف وابن مخنف فترجل عبد الرحمن تلك الليلة يجالدهم، حتى قتل وقتل معه سبعون رجلا من القراء، فيهم نفر من أصحاب علي بن أبي طالب، ونفر من أصحاب ابن مسعود. وبلغ الخبر المهلب - وجعفر بن عبد الرحمن بن مخنف عند المهلب - فجاءهم مغيثا فقاتل حتى ارتث (3)، ووجه المهلب إليهم ابنه حبيبا، فكشفهم، ثم جاء المهلب حتى صلى على عبد الرحمن بن مخنف وأصحابه، وصار جنده في جند المهلب، فضمهم إلى ابنه حبيب، فعيرهم البصريون، وسموا جعفرا خضفة الجمل.

(1) في الكامل: (قوله): وجدتم وقرا، جمع وقور، والنجد: ضد البليد، وهو المتيقظ الذي لا كسل عنده ولا فتور. والأميل، فيه قولان: قالوا: الذي لا يستقر على الدابة، وقالوا: الذي لا سيف معه. والا كشف: الذي لا ترس معه. والأجم: الذي لا رمح معه، والحاسر: الذي لا درع عليه. والأعزل:
الذي لا يتقوم على هر الدابة. و الوغد: الضعيف). وذكر بعده هذا البيت:
هيهات لا تلفوننا رقادا * لا بل إذا صيح بنا آسادا (2) سفوان، بفتحتين: ماء على قدر مرحلة من مربد البصرة.
(3) المرتث: الذي يحمل من المعركة جريحا وبه رمق.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232