شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
انصرفوا، ثم بعث عبيدة، فأخبره، وقال له: أنا لا أقار على الفاحشة، فقال: بهتوني (١) يا أمير المؤمنين فما ترى؟ قال: إني جامع بينك وبينهم، فلا تخضع خضوع المذنب، ولا تتطاول تطاول البرئ، فجمع بينهم، فتكلموا، فقام عبيدة، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم)... حتى تلا الآيات (٢)، فبكوا وقاموا إليه فاعتنقوه، وقالوا: استغفر لنا. ففعل، فقال عبد ربه الصغير مولى بنى قيس بن ثعلبة: والله لقد خدعكم، فتابع عبد ربه منهم ناس كثير، ولم يظهروا، ولم يجدوا على عبيدة في إقامة الحد ثبتا (٣).
* * * وكان قطري قد استعمل رجلا من الدهاقين، فظهرت له أموال كثيرة، فأتوا قطريا، فقالوا: إن عمر بن الخطاب لم يكن يقار عماله على مثل هذا، فقال قطري: إني استعملته، وله ضياع وتجارات، فأوغر ذلك صدورهم، وبلغ المهلب ذلك، فقال: اختلافهم أشد عليهم منى، ثم قالوا لقطري: ألا تخرج بنا إلى عدونا؟ فقال: لا، ثم خرج فقالوا: قد كذب وارتد، فاتبعوه يوما، فأحس بالشر، ودخل دارا مع جماعة من أصحابه، فاجتمعوا عليه وصاحوا: اخرج إلينا يا دابة، فخرج إليهم فقال: أرجعتم بعدي كفارا! قالوا: أولست دابة! قال الله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾ (4)، ولكنك قد كفرت بقولك. (إنا قد رجعنا كفارا)، فتب إلى الله. فشاور عبيدة في ذلك، فقال له: إن تبت لم يقبلوا منك، فقل: إني استفهمت فقلت: (أرجعتم بعدي كفارا؟) فقال لهم ذلك، فقبلوا منه، فرجع إلى منزله.

(١) بهتوني: قالوا على ما لم أفعل.
(٢) سورة النور ١١ - ٢٠ (٣) ثبتا، بالتحريك، أي حجة.
(٤) سورة هود ٦.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232