إحداهما من بنى ضبة، يقال لها أم جميل، والأخرى بنت عمه، يقال لها فلانة بنت عقيل فطلق الضبية، وحملها أولا، وتخلص بابنة عمه، فقال في ذلك:
ألست كريما إذ أقول لفتيتي * قفوا فاحملوها قبل بنت عقيل ولو لم يكن عودي نضارا لأصبحت * تجر على المتنين أم جميل (1) قال الصقعب بن يزيد: وبعثني المهلب لآتيه بالخبر، فصرت إلى قنطرة أربك (2) على فرس اشتريته بثلاثة آلاف درهم، فلم أحس خبرا، فسرت مهجرا (3) إلى أن أمسيت، فلما أمسينا وأظلمنا، سمعت كلام رجل عرفته من الجهاضم، فقلت: ما وراءك؟
قال: الشر، قلت: فأين عبد العزيز؟ قال: أمامك، فلما كان آخر الليل، إذا أنا بزهاء خمسين فارسا معهم لواء، فقلت: لواء من هذا؟ قالوا: لواء عبد العزيز، فتقدمت إليه، فسلمت عليه، وقلت: أصلح الله الأمير! لا يكبرن عليك ما كان، فإنك كنت في شر جند وأخبثه، قال لي: أو كنت معنا؟ قلت: لا، ولكن كأني شاهد أمرك، ثم أقبلت إلى المهلب وتركته، فقال لي: ما وراءك؟ قلت: ما يسرك، هزم الرجل وفل جيشه، فقال: ويحك! وما يسرني من هزيمة رجل من قريش وفل جيش من المسلمين!
قلت: قد كان ذلك، ساءك أو سرك، فوجه رجلا إلى خالد يخبره بسلامة أخيه. قال الرجل: فلما خبرت خالدا، قال: كذبت ولؤمت، ودخل رجل من قريش فكذبني، فقال لي خالد: والله لقد هممت أن أضرب عنقك، فقلت: أصلح الله الأمير! إن كنت كاذبا فاقتلني، وإن كنت صادقا فأعطني مطرف هذا المتكلم، فقال خالد: لبئس ما أخطرت به دمك! فما برحت حتى دخل عليه بعض الفل، وقدم عبد العزيز سوق الأهواز، فأكرمه المهلب وكساه، وقدم معه على خالد، واستخلف المهلب ابنه حبيبا، وقال له: