شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٧٥
بسيوفهم، فما تحيك في جنبه (1)، نودي على السبي يومئذ، فغولي بأم حفص، فبلغ بها رجل سبعين ألفا، وكان ذلك الرجل من مجوس كانوا أسلموا، ولحقوا بالخوارج، ففرضوا لكل رجل منهم خمسمائة، فكاد ذلك الرجل يأخذ أم حفص، فشق ذلك على قطري، وقال: ما ينبغي لرجل مسلم أن يكون عنده سبعون ألفا، إن هذه لفتنة!
فوثب عليها أبو الحديد العبدي فقتلها، فأتى به قطري، فقال: مهيم (2) يا أبا الحديد!
فقال: يا أمير المؤمنين، رأيت المؤمنين تزايدوا في هذه المشركة فخشيت عليهم الفتنة، فقال قطري: أحسنت، فقال رجل من الخوارج:
كفانا فتنة عظمت وجلت * بحمد الله سيف أبي الحديد أهاب المسلمون بها وقالوا * على فرط الهوى هل من مزيد! (3) فزاد أبو الحديد بنصل سيف * رقيق الحد فعل فتى رشيد وكان العلاء بن مطرف السعدي ابن عم عمرو القنا، وكان يحب أن يلقاه في صدر مبارزة (4)، فلحقه عمرو القنا يومئذ، وهو منهزم، فضحك منه وقال متمثلا:
تمناني ليلقاني لقيط * أعام لك ابن صعصعة بن سعد (5) ثم صاح به: انج يا أبا المصدى (6)، وكان العلاء بن مطرف قد حمل معه امرأتين:

(١) قال المبرد: (يقال: ما أحاك فيه السيف، وما يحييك فيه، وما حك ذا المر في صدري، وما حكى في صدري، وما احتكى في صدري. ويقال: حاك الرجل في مشيته يحيك إذا تبختر).
(٢) مهيم: حرف استفهام، معناه: ما الخبر؟ وما المر؟ فهو دال على ذلك محذوف الخبر.
(٣) أهاب به: أعلن.
(٤) الكامل: (في تلك الحروب مبارزة).
(٥) البيت من شرح سيبويه ١: ٣٢٩، في باب المنادى، ونسبه لشريح بن الأحوص، ونسبه المبرد في الكامل إلى يزيد بن الصعق وفي شرح الشواهد للأعلم: (الشاهد في قوله: (لك)، والمعنى:
يا عامر، دعائي لك، والمعنى معنى التعجب، كما تقول: يا لك فارسا!، أي يا هذا دعائي لك من فارس، أي أعجب لك في هذه الحال... وكان لقيط بن زرارة التميمي قد توعد الأحوص أبا شريح الكلابي، وتمنى أن يلقاه فيقتله، فقال هذا متعجبا لقومه من بنى عامر من تمنيه لقتله وتوعده له... وأراد عامر ابن صعصعة فرخم).
(6) هي كنية عمرو القنا.
(١٧٥)
مفاتيح البحث: الخوارج (2)، القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232