شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٧٣
الخندق، فأخذ بيده رجل من الأزد، فاستنقذه، فوهب له فيروز عشرة آلاف، وأصبح عسكر خالد كأنه حرة سوداء (1)، فجعل لا يرى إلا قتيلا أو جريحا، فقال للمهلب:
يا أبا سعيد، كدنا نفتضح! فقال: خندق على نفسك، فإن لم تفعل عادوا إليك، فقال:
اكفني أمر الخندق، فجمع له الأحماس (2) فلم يبق شريف إلا عمل فيه، فصاح بهم الخوارج: والله لولا هذا الساحر المزوني، لكان الله قد دمر عليكم - وكانت الخوارج تسمى المهلب الساحر -، لأنهم كانوا يدبرون الامر فيجدون المهلب قد سبق إلى نقض تدبيرهم.
وقال أعشى همدان لابن الأشعث، يذكره بلاء القحطانية عنده، في كلمة طويلة (3):
ويوم أهوازك لا تنسه * ليس الثنا والذكر بالبائد ثم مضى قطري إلى كرمان، وانصرف خالد إلى البصرة، وأقام قطري بكرمان شهرا، ثم عمد لفارس، فخرج خالد إلى الأهواز وندب الناس للرحيل، فجعلوا يطلبون المهلب، فقال خالد: ذهب المهلب بحظ هذا المصر، إني قد وليت أخي قتال الأزارقة.
فولى أخاه عبد العزيز، واستخلف المهلب على الأهواز في ثلاثمائة، ومضى عبد العزيز والخوارج بدرا بجرد وهو في ثلاثين ألفا، فجعل عبد العزيز يقول في طريقه: يزعم أهل البصرة أن هذا الامر لا يتم إلا بالمهلب، سيعلمون!
قال صقعب (4) بن يزيد: فلما خرج عبد العزيز عن الأهواز، جاءني كردوس،

(1) الحرة: أرض ذات حجارة سوداء نخرة، كأنما أحرقت بالنار.
(2) الأحماس: هم جند البصرة.
(3) ديوان الأعشين 34، ومطلعها:
هل تعرف الدار عفار سمها * بالحضر فالروضة من آمد دار لخود طفلة رودة * بانت فأمسى حبها عامدي (4) الكامل: (صعب بن زيد).
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232