الخندق، فأخذ بيده رجل من الأزد، فاستنقذه، فوهب له فيروز عشرة آلاف، وأصبح عسكر خالد كأنه حرة سوداء (1)، فجعل لا يرى إلا قتيلا أو جريحا، فقال للمهلب:
يا أبا سعيد، كدنا نفتضح! فقال: خندق على نفسك، فإن لم تفعل عادوا إليك، فقال:
اكفني أمر الخندق، فجمع له الأحماس (2) فلم يبق شريف إلا عمل فيه، فصاح بهم الخوارج: والله لولا هذا الساحر المزوني، لكان الله قد دمر عليكم - وكانت الخوارج تسمى المهلب الساحر -، لأنهم كانوا يدبرون الامر فيجدون المهلب قد سبق إلى نقض تدبيرهم.
وقال أعشى همدان لابن الأشعث، يذكره بلاء القحطانية عنده، في كلمة طويلة (3):
ويوم أهوازك لا تنسه * ليس الثنا والذكر بالبائد ثم مضى قطري إلى كرمان، وانصرف خالد إلى البصرة، وأقام قطري بكرمان شهرا، ثم عمد لفارس، فخرج خالد إلى الأهواز وندب الناس للرحيل، فجعلوا يطلبون المهلب، فقال خالد: ذهب المهلب بحظ هذا المصر، إني قد وليت أخي قتال الأزارقة.
فولى أخاه عبد العزيز، واستخلف المهلب على الأهواز في ثلاثمائة، ومضى عبد العزيز والخوارج بدرا بجرد وهو في ثلاثين ألفا، فجعل عبد العزيز يقول في طريقه: يزعم أهل البصرة أن هذا الامر لا يتم إلا بالمهلب، سيعلمون!
قال صقعب (4) بن يزيد: فلما خرج عبد العزيز عن الأهواز، جاءني كردوس،