ذلك، لأنه بخلاف الدين، ولا بد أن يقولوا: إن قتله ظلم، وكذلك حبسه في الدار، ومنعه من الماء، فقد كان يجب أن يدفع القوم عن كل ذلك، وأن يقال: إن من لم يدفعهم وينكر عليهم يكون مخطئا.
وفي القول بأن الصحابة اجتمعوا على ذلك كلهم تخطئة لجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك غير جائز، وقد علم أيضا أن المستحق للقتل والخلع لا يحل أن يمنع الطعام والشراب، وعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يمنع أهل الشام من الماء في صفين، وقد تمكن من منعهم، وكل ذلك يدل على كون عثمان مظلوما، وأن ذلك من صنع الجهال، وأن أعيان الصحابة كانوا كارهين لذلك. وأيضا فإن قتله لو وجب لم يجز أن يتولاه العوام من الناس، ولا شبهة أن الذين أقدموا على قتله كانوا بهذه الصفة، وإذا صح أن قتله لم يكن لهم، فمنعهم والنكير عليهم واجب.
وأيضا فقد علم أنه لم يكن من عثمان ما يستحق به القتل، من كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق، وأنه لو كان منه ما يوجب القتل لكان الواجب أن يتولاه الامام، فقتله على كل حال منكر، وإنكار المنكر واجب.
وليس لأحد أن يقول: إنه أباح قتل نفسه، من حيث امتنع من دفع الظلم عنهم، لأنه لم يمتنع من ذلك، بل أنصفهم، ونظر في حالهم، ولأنه لو لم يفعل ذلك لم يحل لهم قتله، لأنه إنما يحل قتل الظالم إذا كان على وجه الدفع، والمروي أنهم أحرقوا بابه، وهجموا عليه في منزله، وبعجوه بالسيف والمشاقص (1) وضربوا يد زوجته لما وقعت عليه، وانتهبوا متاع داره، ومثل هذه القتلة لا تحل في الكافر والمرتد، فكيف يظن أن الصحابة لم ينكروا ذلك، ولم يعدوه ظلما، حتى يقال إنه مستحق من حيث لم يدفع القوم عنه! وقد تظاهر الخبر بما جرى من تجمع القوم عليه، وتوسط أمير المؤمنين عليه السلام لأمرهم وأنه