وإياهم على كتاب الله، فأما تلك التي تريدها فخدعه الصبي عن اللبن ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك، لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان. واعلم أنك من الطلقاء (1) الذين لا يحل لهم الخلافة، ولا تعرض فيهم الشورى. وقد أرسلت إليك [وإلى من قبلك] (2) جرير بن عبد الله البجلي، وهو من أهل الايمان والهجرة، فبايع، ولا قوة إلا بالله.
* * * فلما قرأ الكتاب، قام جرير فخطب، فقال:
الحمد لله المحمود بالعوائد، والمأمول منه الزوائد، المرتجى منه الثواب، المستعان على النوائب، أحمده وأستعينه في الأمور التي تحير دونها الألباب، [وتضمحل عندها الأسباب] (2)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كل شئ هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بعد فترة من الرسل الماضية والقرون الخالية، [والأبدان البالية، والجبلة الطاغية] (2)، فبلغ الرسالة، ونصح للأمة، وأدى الحق الذي استودعه الله، وأمره بأدائه إلى أمته صلى الله عليه وسلم، من رسول ومبتعث ومنتجب (3).
أيها الناس، إن أمر عثمان قد أعيا من شهده، فكيف بمن غاب عنه! وإن الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور، وكان طلحة والزبير ممن بايعاه ثم نكثا بيعته على غير حدث، ألا وإن هذا الدين لا يحتمل الفتن، [ألا وإن العرب لا تحتمل الفتن] (2)، وقد كانت بالبصرة أمس روعة ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس.