ثم كتب في آخر الكتاب شعر كعب بن جعيل الذي أوله:
أرى الشام تكره أهل العراق * وأهل العراق لهم كارهونا * * * قال أبو العباس المبرد (1) رحمه الله تعالى: (2) فكتب إليه علي عليه السلام جوابا عن كتابه هذا:
من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن صخر بن حرب:
أما بعد، فإنه أتاني منك كتاب امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتبعه، زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان، ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين، أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على الضلال، ولا ليضربهم بالعمى. وبعد فما أنت وعثمان! إنما أنت رجل من بنى أمية، وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكم القوم إلى. وأما تمييزك بينك وبين طلحة والزبير، وبين أهل الشام وأهل البصرة، فلعمري ما الامر فيما هناك إلا سواء، لأنها بيعة شاملة لا يستثنى فيها الخيار، ولا يستأنف فيها النظر. وأما شرفي في الاسلام وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه، وموضعي من قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته.
قال: ثم دعا النجاشي، أحد بنى الحارث بن كعب، فقال له: إن ابن جعيل شاعر أهل الشام، وأنت شاعر أهل العراق، فأجب الرجل. فقال: يا أمير المؤمنين، أسمعني قوله، قال: إذن أسمعك شعر شاعر، ثم أسمعه، فقال النجاشي يجيبه: