قال نصر: وحدثنا (1) عمر بن سعد بإسناده قال: (2) بعث معاوية إلى شرحبيل ابن السمط:
إنه قد كان من إجابتك إلى الحق، وما وقع فيه أجرك على الله، وقبله عنك صلحاء الناس ما علمت، وإن هذا الامر الذي نحن فيه لا يتم إلا برضا العامة، فسر في مدائن الشام، وناد فيهم بأن عليا قتل عثمان، وأنه يجب على المسلمين أن يطلبوا بدمه.
فسار شرحبيل، فبدأ بأهل حمص، فقام فيهم خطيبا - وكان مأمونا في أهل الشام ناسكا متألها، فقال:
أيها الناس، إن عليا قتل عثمان، فغضب له قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه، فلقيهم فهزم الجمع، وقتل صلحاءهم وغلب على الأرض، فلم يبق إلا الشام، وهو واضع سيفه على عاتقه، ثم خائض غمرات (3) الموت، حتى يأتيكم أو يحدث الله أمرا، ولا نجد أحدا أقوى على قتاله من معاوية، فجدوا وانهضوا.
فأجابه الناس كلهم إلا نساكا من أهل حمص، فإنهم قالوا له: بيوتنا قبورنا ومساجدنا، وأنت أعلم بما ترى.
قال: وجعل شرحبيل يستنهض مدائن الشام حتى استفرغها، لا يأتي على قوم إلا قبلوا