شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٩٣
وقال آخر:
إن تقتلوني فأجال الرجال كما * حدثت قتل وما بالقتل من عار وإن سلمت لوقت بعده فعسى * وكل شئ إلى حد ومقدار * * * خطب الحجاج فشكا سوء طاعة أهل العراق، فقام إليه جامع المحاربي، فقال:
أيها الأمير، دع ما يباعدهم منك إلى ما يقربهم إليك، والتمس العافية ممن دونك تعطها ممن فوقك، فلو أحبوك لأطاعوك، إنهم ما شنئوك بنسبك ولا لبأسك، ولكن لايقاعك بعد وعيدك، ووعيدك بعد وعدك.
فقال الحجاج: ما أراني أرد بنى اللكيعة (1) إلى طاعتي إلا بالسيف، فقال جامع:
أيها الأمير، إن السيف إذا لاقى السيف ذهب الخيار، فقال الحجاج: الخيار يومئذ لله، فقال: أجل، ولكنك لا تدرى لمن يجعله الله، فقال: يا هناه، إيها فإنك من محارب، فقال جامع:
وللحرب سمينا فكنا محاربا * إذا ما القنا أمسى من الطعن أحمرا * * * ومن الشعر الجيد في تحسين الاباء والحمية والتحريض على النهوض والحرب وطلب الملك والرياسة، قصيدة عمارة اليمنى شاعر المصريين في فخر الدين توران شاه بن أيوب، التي يغريه فيها بالنهوض إلى اليمن، والاستيلاء على ملكها، وصادفت هذه القصيدة محلا قابلا، وملك توران شاه اليمن بما هزت هذه القصيدة من عطفه، وحركت من عزمه، وأولها:

(1) الكيعة: الأمة اللئيمة.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست