شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٩٦
امرأته عاتكة بنت يزيد بن معاوية، فالتزمته، وبكت لفراقه، وبكى جواريها حولها، فقال عبد الملك: قاتل الله ابن أبي جمعة (1) كأنه شاهد هذه الصورة حيث يقول:
إذا هم بالأعداء لم يثن عزمه * حصان عليها نظم در يزينها نهته فلما لم تر النهى عاقه * بكت فبكى مما عراها قطينها فسار عبد الملك حتى إذا كان بمسكن من إرض العراق، وقد دنا منه عسكر مصعب، تقاعد بمصعب أصحابه وقواده وخذلوه، فقال لابنه عيسى: الحق بمكة فانج بنفسك، وأخبر عمك عبد الله بما صنع أهل العراق بي، ودعني فإني مقتول، فقال:
لا تتحدث نساء قريش أنى فررت عنك، ولكن أقاتل دونك حتى نقتل، فالفرار عار، ولا عار في القتل، ثم قاتل دونه حتى قتل. وخف من يحامي عن مصعب من أهل العراق، وأيقن بالقتل، فأنفذ عبد الملك إليه أخاه محمد بن مروان، فأعطاه الأمان وولاية العراقين أبدا ما دام حيا، وألفى ألف درهم صلة، فأبى وقال: إن مثلي لا ينصرف عن هذا المكان إلا غالبا أو مقتولا، فشد عليه أهل الشام ورموه بالنبل فأثخنوه، وطعنه زائدة بن قيس بن قدامة السعدي، ونادى: يا لثارات المختار! فوقع إلى الأرض، فنزل إليه عبد الملك بن زياد بن ظبيان، فاحتز رأسه، وحمله إلى عبد الملك.
لما حمل رأس مصعب إلى عبد الملك بكى وقال: لقد كان أحب الناس إلى وأشدهم مودة لي، ولكن الملك عقيم.
كتب مصعب إلى سكينة بنت الحسين عليه السلام، وكانت زوجته لما شخص إلى حرب عبد الملك وهي بالكوفة بعد ليال من فراقها:
وكان عزيزا أن أبيت وبيننا * حجاب فقد أصبحت منى على عشر

(1) هو كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335