شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٥٣
إن بنى مروان قد باد ملكهم فإن كنت لم تشعر بذلك فاشعر.
فقال: أما هذا فعسى. فلما رأى يزيد انهزام أصحابه، نزل عن فرسه، وكسر جفن سيفه واستقتل، فأتاه آت فقال: إن أخاك حبيبا قد قتل، فزاده ذلك بصيرة في توطينه نفسه على القتل، وقال: لا خير في العيش بعد حبيب! والله لقد كنت أبغض الحياة بعد الهزيمة، وقد ازددت لها بغضا، امضوا قدما. فعلم أصحابه أنه مستميت، فتسلل عنه من يكره القتال، وبقى معه جماعة خشية، فهو يتقدم كلما مر بخيل كشفها، وهو يقصد مسلمة بن عبد الملك لا يريد غيره، فلما دنا منه، أدنى مسلمة فرسه ليركب، وحالت خيول أهل الشام بينهما، وعطفت على يزيد بن المهلب، فجالدهم بالسيف مصلتا (1)، حتى قتل وحمل رأسه إلى مسلمة، وقتل معه أخوه محمد بن المهلب، وكان أخوهما المفضل بن المهلب، يقاتل أهل الشام في جهة أخرى، ولا يعلم بقتل أخويه يزيد ومحمد، فأتاه أخوه عبد الملك بن المهلب، وقال له: ما تصنع وقد قتل يزيد ومحمد، وقبلهما قتل حبيب، وقد انهزم الناس!
وقد روى أنه لم يأته بالخبر على وجهه، وخاف أن يخبره بذلك فيستقتل ويقتل، فقال له: إن الأمير قد انحدر إلى واسط، فاقتص أثره، فانحدر المفضل حينئذ، فلما علم بقتل إخوته، حلف ألا يكلم أخاه عبد الملك أبدا: وكانت عين المفضل قد أصيبت من قبل في حرب الخوارج، فقال: فضحني عبد الملك فضحه الله! ما عذري إذا رآني الناس فقالوا: شيخ أعور مهزوم، ألا صدقني فقتلت! ثم قال:
ولا خير في طعن الصناديد بالقنا * ولا في لقاء الناس بعد يزيد فلما اجتمع من بقي من آل المهلب بالبصرة بعد الكسرة، أخرجوا عدى بن أرطاة أمير البصرة من الحبس، فقتلوه وحملوا عيالهم في السفن البحرية، ولججوا في البحر، فبعث إليهم مسلمة بن عبد الملك بعثا عليه قائد من قواده، فأدركهم في قندابيل (2)، فحاربهم

(1) مصلتا، أي مجردا من غمده.
(2) قندابيل: مدينة بالسند.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335