وقال برغوث: وطائفة منهم يقولون: هو الفضاء نفسه، وهو جسم تحل الأشياء فيه، وليس بذي غاية ولا نهاية، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿وجاهدوا في الله حق جهاده﴾ (١).
فأما من قال: إنه جسم لا كالأجسام، على معنى أنه بخلاف العرض الذي يستحيل أن يتوهم منه فعل، ونفوا عنه معنى الجسمية، وإنما أطلقوا هذه اللفظة لمعنى أنه شئ لا كالأشياء، وذات لا كالذوات، فأمرهم سهل، لان خلافهم في العبارة، وهم: على ابن منصور، والسكاك، ويونس بن عبد الرحمن، والفضل بن شاذان، وكل هؤلاء من قدماء رجال الشيعة. وقد قال بهذا القول ابن كرام وأصحابه، قالوا: معنى قولنا فيه سبحانه إنه جسم، أنه قائم بذاته لا بغيره.
والمتعصبون لهشام بن الحكم من الشيعة في وقتنا هذا يزعمون أنه لم يقل بالتجسيم المعنوي، وإنما قال إنه جسم لا كالأجسام، بالمعنى الذي ذكرناه عن يونس والسكاك وغيرهما، وإن كان الحسن بن موسى النوبختي - وهو من فضلاء الشيعة - قد روى عنه التجسيم المحض في كتاب،، الآراء والديانات،،.
* * * النوع الثاني: نفى الأعضاء والجوارح عنه سبحانه، فالذي يذهب إليه المعتزلة وسائر المحققين من المتكلمين نفى ذلك عنه، وقد تأولوا ما ورد في القرآن العزيز من ذلك، من نحو قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) (٢)، وقوله سبحانه: ﴿على ما فرطت في جنب الله﴾ (3) وغير ذلك، وحملوه على وجوه صحيحة جائزة في اللغة العربية.
وأطلقت الكرامية عليه سبحانه لفظ (اليدين والوجه)، وقالوا: لا نتجاوز الاطلاق،