قال نصر: وحدثنا (1) عمر بن سعد، عن مسلم الأعور عن حبة العرني، قال:
أمر علي عليه السلام الحارث الأعور، فصاح في أهل المدائن: من كان من المقاتلة فليواف أمير المؤمنين عليه السلام صلاة العصر. فوافوه في تلك الساعة، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني قد تعجبت من تخلفكم عن دعوتكم، وانقطاعكم عن أهل مصركم في هذه المساكن الظالم أهلها، الهالك أكثر ساكنيها، لا معروف يأمرون به، ولا منكر ينهون عنه.
قالوا: يا أمير المؤمنين، إنا ننتظر أمرك، مرنا بما أحببت. فسار وخلف عليهم عدى بن حاتم، فأقام عليهم ثلاثا ثم خرج في ثمانمائة رجل منهم، وخلف ابنه زيدا بعده، فلحقه في أربعمائة رجل منهم.
وجاء علي عليه السلام حتى مر بالأنبار، فاستقبله بنو خشنوشك (2)، دهاقينها.
- قال نصر: الكلمة فارسية، أصلها (خش) أي الطيب (3) - قال: فلما استقبلوه، نزلوا عن خيولهم، ثم جاءوا يشتدون معه، وبين يديه ومعهم براذين قد أوقفوها في طريقه، فقال: ما هذه الدواب التي معكم؟ وما أردتم بهذا الذي صنعتم؟ قالوا: أما هذا الذي صنعنا فهو خلق منا نعظم به الامراء، وأما هذه البراذين فهدية لك، وقد صنعنا للمسلمين طعاما، وهيأنا لدوابكم علفا كثيرا.
فقال عليه السلام: أما هذا الذي زعمتم أنه فيكم خلق تعظمون به الامراء فوالله ما ينفع ذلك الامراء، وإنكم لتشقون به على أنفسكم وأبدانكم: فلا تعودوا