إن الله قد أكرمكم بدينه، وخلقكم لعبادته، فانصبوا أنفسكم في أداء حقه، وتنجزوا موعوده، واعلموا أن الله جعل أمراس الاسلام متينة، وعراه وثيقة، ثم جعل الطاعة حظ الأنفس ورضا الرب، وغنيمة الأكياس عند تفريط العجزة (1)، وقد حملت أمر أسودها وأحمرها، ولا قوة إلا بالله! ونحن سائرون إن شاء الله إلى من سفه نفسه، وتناول ما ليس له وما لا يدركه معاوية وجنده، الفئة الطاغية الباغية، يقودهم إبليس، ويبرق لهم ببارق تسويفه، ويدليهم بغروره، وأنتم أعلم الناس بالحلال والحرام، فاستغنوا بما علمتم، واحذروا ما حذركم الله من الشيطان، وارغبوا فيما عنده من الاجر والكرامة، واعلموا أن المسلوب من سلب دينه وأمانته، والمغرور من آثر الضلالة على الهدى، فلا أعرفن أحدا منكم تقاعس عنى، وقال: في غيري كفاية، فإن الذود إلى الذود إبل، ومن لا يذد عن حوضه يتهدم. ثم إني آمركم بالشدة في الامر، والجهاد في سبيل الله، وألا تغتابوا مسلما، وانتظروا للنصر العاجل من الله إن شاء الله.
قال نصر: ثم قام ابنه الحسن بن علي عليهما السلام، فقال:
الحمد لله لا إله غيره ولا شريك له.
ثم قال: إن مما عظم الله عليكم من حقه، وأسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره، ولا يؤدى شكره، ولا يبلغه قول ولا صفة، ونحن إنما غضبنا لله ولكم، إنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم، واستحكمت عقدتهم. فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية وجنوده، ولا تخاذلوا، فإن الخذلان يقطع نياط القلوب، وإن الاقدام على الأسنة نخوة وعصمة، لم يتمتع (2) قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة، وكفاهم جوائح الذلة، هداهم إلى معالم الملة، ثم أنشد: