النية، رابط الجأش (1)، وأيم الله ما أظن ذلك اليوم يبقى منهم، ولا منا إلا الرذال (2) فقال عبد الله بن بديل: أنا والله أظن ذلك. فبلغ كلامهما عليا عليه السلام، فقال لهما: ليكن هذا الكلام مخزونا في صدوركما لا تظهراه ولا يسمعه منكما سامع، إن الله كتب القتل على قوم والموت على آخرين، وكل آتيه منيته كما كتب الله له، فطوبى للمجاهدين في سبيله، والمقتولين في طاعته!
قال نصر: فلما سمع هاشم بن عتبة ما قالاه أتى عليا عليه السلام، فقال: سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم، القاسية قلوبهم، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وعملوا في عباد الله، بغير رضا الله فأحلوا حرامه، وحرموا حلاله، واستوى بهم (3) الشيطان، ووعدهم الأباطيل، ومناهم الأماني، حتى أزاغهم عن الهدى، وقصد بهم قصد الردى، وحبب إليهم الدنيا فهم يقاتلون على دنياهم رغبه فيها، كرغبتنا في الآخرة وانتجاز موعد ربنا. وأنت يا أمير المؤمنين أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه رحما، وأفضل الناس سابقة وقدما، وهم يا أمير المؤمنين يعلمون منك مثل الذي نعلم، ولكن كتب عليهم الشقاء، ومالت بهم الأهواء، وكانوا ظالمين، فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة، وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة، وأنفسنا تنصرك على من خالفك، وتولى الامر دونك جذلة، والله ما أحب أن لي ما على الأرض مما أقلت، ولا ما تحت السماء مما أظلت، وأنى واليت عدوا لك، أو عاديت وليا لك!
فقال عليه السلام: اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك، والمرافقة لنبيك (4).
قال نصر: ثم إن عليا عليه السلام صعد المنبر فخطب الناس، ودعاهم إلى الجهاد، فبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم قال: