كان أكرمها وابن أكرمها، إلا ما جعل الله لنبيه صلى الله عليه، فإنه انتجبه (1) وأكرمه، ولو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا حلماء (2).
فقال له صعصعة بن صوحان: كذبت! قد ولدهم خير من أبي سفيان! من خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر، والكيس والأحمق (3).
* * * قال: ومن المجالس التي دارت بينهم، أن معاوية قال لهم: أيها القوم ردوا خيرا أو اسكتوا، وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم والمسلمين، فاطلبوه وأطيعوني.
فقال له صعصعة: لست بأهل ذلك! ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله.
فقال: إن أول كلام ابتدأت به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعة رسوله، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (4).
فقالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله.
فقال: إن كنت فعلت فإني الآن أتوب، وآمركم بتقوى الله وطاعته، ولزوم الجماعة، وأن توقروا أئمتكم وتطيعوهم.
فقال صعصعة: إن كنت تبت فإنا نأمرك أن تعتزل عملك (5)، فإن في المسلمين من هو أحق به منك، ممن كان أبوه أحسن أثرا في الاسلام من أبيك، وهو أحسن قدما في الاسلام منك.
فقال معاوية: إن لي في الاسلام لقدما، وإن كان غيري أحسن قدما مني، لكنه