ويبرأون منه، فسمعته يقول: بلغني أن رجالا منكم ضلالا يشتمون أئمة الهدى، ويعيبون أسلافنا الصالحين، أما والذي ليس له ند ولا شريك، لئن لم تنتهوا عما يبلغني عنكم، لأضعن فيكم سيف زياد، ثم لا تجدونني ضعيف السورة (1)، ولا كليل الشفرة.
أما إني لصاحبكم الذي أغرت على بلادكم، فكنت أول من غزاها في الاسلام، وشرب من ماء الثعلبية ومن شاطئ الفرات، أعاقب من شئت، وأعفو عمن شئت، لقد ذعرت المخدرات (2) في خدورهن، وإن كانت المرأة ليبكي ابنها فلا ترهبه ولا تسكته إلا بذكر اسمي.
فاتقوا الله يا أهل العراق، أنا الضحاك بن قيس، أنا أبو أنيس، أنا قاتل عمرو بن عميس!
فقام إليه عبد الرحمن بن عبيد، فقال: صدق الأمير وأحسن القول، ما أعرفنا والله بما ذكرت! ولقد لقيناك بغربي تدمر، فوجدناك شجاعا مجربا صبورا. ثم جلس، وقال: أيفخر علينا بما صنع ببلادنا أول ما قدم. وأيم الله لأذكرنه أبغض مواطنه إليه.
قال: فسكت الضحاك قليلا، وكأنه خزي واستحيا، ثم قال: نعم كان ذلك اليوم! فاخذه بكلام ثقيل، ثم نزل.
قال محمد بن مخنف: فقلت لعبد الرحمن بن عبيد - أو قيل له: لقد اجترأت حين تذكره هذا اليوم، وتخبره أنك كنت فيمن لقيه! فقال: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
قال: وسأل الضحاك عبد الرحمن بن عبيد حين قدم الكوفة، فقال: لقد رأيت منكم بغربي تدمر رجلا ما كنت أرى أن في الناس مثله، حمل علينا، فما كذب حتى ضرب الكتيبة التي أنا فيها، فلما ذهب ليولي حملت عليه، فطعنته، فوقع ثم قام